بين خمسة أيام قبل خلق آدم.
ولكن لنا أن نجادله بكتبه ونقول له: إن توراتك لم تذكر أن خلق الملائكة كان بعد خلق آدم، بل إما أن يكون في اليوم الثالث أو الرابع أو قبل ذلك، فلماذا لا يكون آدم خليفة في الأرض بدلا عن الملائكة الأشرار، والذين لم يحفظوا رياستهم وأخطأوا فلم يشفق الله عليهم، بل طرحهم في جهنم بقيود أبدية إلى يوم الدينونة، كما سيأتي عن كتبه، وهذا كاف في دحض باطله، وستسمع إن شاء الله اعلام الحق.
وقال أيضا على النسق غير أنه تعالى لما عزم على خلقه نوى أن يجعله في الجنة يأكل منها رغدا ولو لم يعصمه لم يحبطه إلى الأرض ليكون خليفة فيها، فقوله: إنه جاعله في الأرض خليفة وهو ينوي أن يجعله في الجنة فيه نظر، وحاصل كلامه الاعتراض على جعله خليفة في الأرض مع إسكانه في الجنة ونهيه عما يسبب خروجه منها.
قلنا (أولا) لنا أن نقول إن الله قال ذلك باعتبار سابق علمه بما يصير إليه أمر آدم في سكناه في الأرض.
وقد أوضحنا لك في الجزء الأول (صحيفة 90 - 91) أن آدم لم تصدر منه المعصية القبيحة المانعة لوظيفة الخلافة، إن أريد بالخلافة معنى النبوة والرئاسة الدينية، وأن الله بكل شئ عليم لا يغيب عن سابق علمه شئ، و (ثانيا) لنا أيضا أن نقول: إن الجنة المذكورة كانت من جنان الدنيا، كما جاء عن أهل بيت النبوة، وذهب إليه جمع من المفسرين، ولا حجة بقول بعض المفسرين على القرآن إذ قالوا إنها جنة السماء ولا دلالة في قوله تعالى: (اهبطوا، واهبطا منها) لجريان هذا الاستعمال في الانتقال من مكان إلى مكان فقد قال تعالى في سورة البقرة 58: (إهبطوا مصرا) بل هو استعمال متعارف حتى في التوراة إذ تقول: فانحدر ابرام إلى مصر (تك 12، 10) انزلوا إلى هناك (يعني مصر) فنزل عشرة (يعني إلى مصر)، (تك 24، 2 و 3).
وقال المتكلف في الاعتراض على الآية الأولى، وهذه العبارة ناطقة بأن