المصريين واستعبادهم القاسي وقد أجابوا بأجمعهم دعوته بابتهاج وآمنوا بها برغبة وإذعان.
ولكن هل يخفى عليك ما جرى على دعوته من التهديد مع اعتزازه بمئات الألوف من قومه وهل يخفى عليك ما وقع في سيرها ونشر موسى (ع) لها من المعاثر والعراقيل حتى من خصوص قومه بني إسرائيل وهل تنسى واقعة العجل وعبادتهم له.
وانظر إلى حال المسيح مع بني إسرائيل في دعوته وما جرى معه فإن بني إسرائيل كانوا ينتظرون دعوة رسولية تنظم جامعتهم وترد لهم استقلالهم السياسي ولم يجئهم المسيح بما يخالف دينهم الذي استقروا عليه بعد سبي بابل ولا شريعتهم بل كان كالواعظ الزاجر عن الرياء وأكل الدنيا باسم الدين ومع ذلك قامت عليه قيامة بعض الناس حتى أغروا السياسة الرومانية به بزعم أنه يريد أن يدحر سياستها عن بلاده وجرى ما جرى. وإنك قد ذكرت في الجزء الأول من الصحيفة المائة والثلاث والتسعين إلى آخره ما هو الوجه في رواج التعاليم الدخيلة في النصرانية على خلاف ما كان عليه المسيح.
وكذا تلاميذه من بعده إلى نحو عشرين سنة كما تذكره الأناجيل وكتاب أعمال الرسل وهذه طريقة جارية في رواج الدعوة الرسولية بعد تشويه تعاليمها.
وانظر إلى رسول الله وكونه من أعز طائفة في العرب وأجب الرجال وأوثقهم وأكملهم عند قومه وقد نهض أقرباؤه لحمايته وحماية دعوته وأقبل عليها ذوو الوجاهة والحماية فاضطرت الأحوال إلى أن يهاجر جملة من المؤمنين إلى الحبشة ويحاصر هو وذووه في الشعب ويتحمل الأذى ويهاجر إلى المدينة ويبتلى بالحروب الدفاعية مدة حياته المقدسة في المدينة.
فالله العالم بالأمور يجري رسالاته بحسب الأصقاع والأزمان في