ويكون أيضا متوافق الظاهر والباطن في الصلاح والأمانة وصادقا في دعوى النبوة والرسالة والتبليغ عن الله ويستمر على ذلك زمانا ثم ينقلب حاله في الباطن والخفاء على الناس إلى التخفي في الفسق أو الفجور أو الظلم أو الكذب في التبليغ عن الله فهل يجوز إظهار المعجز على يد هذا في أول أمره وحال صلاحه وصدقه في الباطن وقبل انقلابه.
الشيخ: لا يجوز إظهار المعجز على يده لأنه إغراء بالجهل كما في الصور السابقة مضافا إلى أن مثل هذا المدلس الذي ليس له رادع ثابت من الورع الذي يلازم به التقوى لا يصلح لمقام النبوة من أول أمره.
وأيضا فإن النبوة والرسالة هي أكبر الألطاف الإصلاحية المكملة والله العليم قادر على أن يجعلها في محل لا يجد العقل فيه مجالا للريب العقلائي إذن فلا يخل الله بالحكمة واللطف ولا ينقض الغرض في جعلها في محل يجوز انقلابه من الصلاح والأمانة إلى الفساد والتدليس والخيانة فيكون الريب العام مستمرا في كل نبي وكل رسول فلا يصدق في تبليغ ولا يعتمد عليه في شئ ولا ننتظم له شؤون الاصلاح ومهمة الطاعة والانقياد حذرا من انقلابه وتدليسه فالعقل لا يجوز أن تكون في لطف الرسالة وحكمها وإصلاحها مثل هذه المفسدة الكبيرة.
عمانوئيل: هذا الفرض المتقدم نفرض فيه أن مدعي النبوة أو الرسالة انقلب من الصرح الحقيقي على الصفات المتقدمة إلى التجاهر بالفسق أو الفجور أو الظلم أو الشرك أو مخالفة المعقول فهل يجوز إظهار المعجز على يده في أول أمره وحال صلاحه الحقيقي؟
ولماذا لا يجوز فإنه ليس فيه إغراء بالجهل فإن الناس ينصرفون عنه ويعرفون انسلاخه عن النبوة والرسالة عندما يعرف انقلاب حاله.
الشيخ: وهذا الفرض أيضا مما يبطل فائدة النبوة والرسالة وينقض الغرض منهما وينافي حكمتهما فإن كل من يطلع على عمله القبيح يقول ليس هذا أول قبيح تجاهر به فإن العادة تقتضي بأنه لا يطلع عموم الناس