تلك الطريقة الفطرية تشهد أيضا بوجدانها وبداهتها على أن الانسان مختار في أعماله فيحسنها العقلاء بعقولهم الفطرية ويقبحونها وسيأتي إن شاء الله إيضاح اختيار الانسان في أعماله كما تقدم الكلام عليه.
التشكيكات في الحسن والقبح العقليين رمزي: قد وجد في بعض الكتب بعض التشكيكات في هذه الحقيقة وها أنا أحب أن أذكرها.
قد قيل إن الفعل لا يمكن أن يتصف بالحسن والقبح وذلك لأن الفعل عرض والحسن والقبح من قسم العرض أيضا. والعرض لا يعرض عليه عرض ولا يتصف بالعرض، فالفعل الذي هو عرض لا يمكن أن يتصف بالحسن والقبح اللذين هما عرض أيضا ولا يمكن أن يعرضا عليه.
عمانوئيل: إن الذين يشككون بهذا التشكيك يقولون بحسن الفعل وقبحه باعتبار ملاءمته أو منافرته للنفسية الشخصية وكذا باعتبار موافقته أو مخالفته للشرع فكيف جاز هنا أن يعرض العرض على العرض ويتصف العرض بالعرض.
وأيضا لا يخفى أن الألوان أعراض كالسواد والبياض والحمرة وأمثالها ولا يخفى أن الشدة والضعف والحسن والقبح أعراض. ولا يخفى أن الشدة والضعف والحسن والقبيح تعرض على الألوان وتتصف الألوان بها.
هذا اللون شديد وهذا اللون ضعيف وهذا اللون حسن وهذا اللون قبيح فكيف جاز هنا أيضا عروض العرض على العرض واتصاف العرض بالعرض.
ما هذه التشكيكات التي تذكرها إلا شبهة في مقابلة البداهة ومغالطة لا تخدش في شرف الحقيقة المتجلية للوجدان. تشكيكات لا يقدر المشكك بها أن يتخلص من تراكم النقوض عليه تراكم يوبخه على هذا