التشكيك رمزي: إن النقوض التي تذكرها معلومة ووجدانية بديهية وكافية في دفع التشكيكات المذكورة ولكني أطلب دفع هذه التشكيكات بالحل العلمي الكاشف للحجاب.
الشيخ: قد اشتبه الحال بين العرض الوجودي والعرض الانتزاعي. والذي وقع الكلام من الفلاسفة في عروضه على العرض إنما هو العرض الوجودي كالبياض والسواد. وأما العرضي الانتزاعي كالحسن والقبح والشدة والضعف فلا يمكن للفيلسوف بفلسفته ولا لصاحب الحس والوجدان أن ينكرا عروضه للعرض واتصاف العرض به.
إذن فأين المفر عن الأمثلة البديهية الوجدانية التي ذكرها عمانوئيل وأمثالها.
رمزي: وقيل أيضا ما معناه إنا إن سلمنا بثبوت الحسن والقبح العقليين في أفعال البشر فإنه لا يمكن أن نسلم بإمكان تحكم البشر والعقل على جلال الله مالك الملك فيقال هذا الفعل حسن بحيث يقبح من الله تركه فيجب أن يفعله.
هذا الفعل قبيح فيجب أن يتركه. من ذا الذي يكون له الحكم على الله مالك الملك الفعال لما يريد. أم يكون ذلك بقياسه على المخلوق المملوك المحكوم عليه بالأمر والنهي كيف يصح هذا القياس مع هذا الفارق العظيم.
الشيخ: إن الحسن والقبح لا يكونان بتحكم العقل بل هما صفتان حقيقيتان لازمتان للأفعال والتروك يدركهما العقل بنورانيته إدراكا ويدرك أن ارتكاب الفعل القبيح أو الترك القبيح صفة نقص تنافر الكمال أن يتلوث بصفة النقص والسقوط.
لم يقبح فعل الانسان أو تركه ولم يقبح صدور القبيح منه لمحض كونه إنسانا مخلوقا مملوكا بل يقبح صدور ذلك منه لأنه نقص ومنافر