لمحض أن لا يتمرد المتمرد بهواه مع وضوح الحجة له وتتابع المواعظ والارشاد والزواجر عليه.
أفلا يكفي المتمرد ما يتضح له في بديهيات إدراكه وفطريات وجدانه من حسن اختياره للصلاح والأعمال الصالحة وما في ذلك من الفوائد العظيمة وما يتضح له من قبح اختياره للأعمال الردية وضرر نتائجها السيئة مع زاجر العقل والأنبياء والكتب الإلهية والوعاظ وتهديد الشريعة بتأديبها فهل بعد قيام الحجة بهذه الأمور يبقى للتمرد أهلية لشئ من العناية.
فكيف يتحكم إذن إبيقورس وأتباعه على الإله بأن يعتني بهذا المتمرد الخسيس ويحابيه بإلجاء الانسان وسلب اختياره وحرية قدرته وإرادته بحيث يسد على الصالح بل على المتمرد أيضا باب النعمة والرحمة واللطف.
خلاصة الكلام يا رمزي إن الإله يقدر على إدامة نعمه ولكن لا يجب عليه أن لا يجعلها محدودة بأمور عادية أو اتفاقية.
لا يخرجها التحديد عن كونها نعمة ولا يكون تحديدها من الشر الذي يجب على الإله أن يرغب عنه ويرفعه.
وإن الإله يقدر على رفع التمرد من المتمردين ويرغب في صلاحهم باختيارهم لكي يكونوا كاملين سعداء وقد ساعدهم على أفكارهم بالحجج والبيان والترغيب والزجر ولكنه بحسب رحمته ولطفه لا يرغب في رفع تمردهم بإلجاء الانسان وسلب اختياره وقدرته وحرية إرادته. فهل يخفي على الشعور الحر أنه لا يحسن في رحمة الله ولطفه أن يحابي المتمردين الساقطين بأن يسد عليهم وعلى الصالحين باب النعمة والرحمة واللطف.. فليسقط قول أبيقورس (فلماذا الشر باق إلى الآن).