البغدادي قولي أبيقورس في الالحاد وهو (إن الإله أما أنه رغب في أن يمحي الشر ولا يقدر أو يقدر ولا يريد أو لا يقدر ولا يريد أو يقدر ويريد أما الفروض الثلاثة فغير متصورة في إله جدير بهذا الاسم فإن صح الفرض الرابع فلماذا الشر باق إلى الآن.
عمانوئيل: هل تدري يا رمزي ماذا يريد أبيقورس من لفظ الشر الذي جعله في كلامه؟
رمزي: الشر معروف، كل إنسان يعرفه فلماذا تسأل عنه.
عمانوئيل: إن مزاعم الانسان الخاطئة قد وسعت دائرة التسمية للشر وأدخلت فيها كل ما يبهض الأهواء والألفة والحرص والأمل والطمع والشره. حتى إن الزاني يجعل منعه عن الزنا شرا ورد عليه.
وقاطع الطريق إذا صده أحد عن قطع الطريق وحرمه من نهب أموال الناس فإنه يعد ذلك شرا ورد عليه.
وكافر النعمة إذا ابتدأته بالانعام والتفضل عليه زمانا ثم قطعت نعمتك عنه لحكمة أو لا لحكمة فإنه يعد قطعك لذلك الأنعام شرا كبيرا أوردته عليه وفعلا ذميما صنعته معه فينالك بلسانه ويرميك بسهام لومه ويكفر بنعمتك عليه. تلك النعمة الابتدائية التي لا استحقاق له في أقل قليل منها.
هل أنت لا تدري بنعم الله على خلقه؟ أفلا تدري بأن المخلوق مغمور بنعم الله خالقه. فإن كنت غافلا عن جلالة هذه النعم وعظم مواقعها في العقول وفي النفوس فإنا نشير إلى بعض منها. هذا النوع الانساني مع علمه بأن حياته العادية في هذه الأدوار لا تتجاوز الثمانين سنة مع أنها مهددة بالانقطاع فيما قبل ذلك انظر إليه كيف يرغب في حياته هذه مع قصرها وتهديدها وكيف تجدها محبوبة ثمينة عنده بحيث لا تستطيع أن تقدر محبوبيتها العظيمة عنده ولا مغالاته بقيمتها.
تراه منهمكا بالاستعداد وتهيئة الأسباب لاستدامة حياته هذه والتمتع