ثم إن دعوى هذا المعنى منه هنا إنما هي من جهة الضرورة وعدم العلاج كما أشير إليه آنفا لا أنه الظاهر منه فلا يرد حينئذ دعوى عدم كونه ظاهرا فيه كما لا يخفى.
ومن هنا ظهر أن الموارد التي تمسكوا فيها لاثبات الخيار مطلقا - أي خيار كان من خيار الشرط والعيب والغبن وغيرها - بعموم لا ضرر ولا ضرار لا وجه لها أصلا بل يحتاج أثباته فيها إلى دليل آخر غير هذا العموم.
ثم لو سلمنا أن مفاد هذه القاعدة مطلقا أي في المواضع الثلاثة هو الحكم الوضعي أعني نفي اللزوم في المعاملة حتى يكون مقتضاه ثبوت الخيار للمغبون، فيتوجه عليه اشكال الشيخ الأنصاري أعلى الله مقامه في المقام.
وهو أن انتفاء اللزوم وثبوت التزلزل في العقد لا يستلزم ثبوت الخيار للمغبون بين الرد والامضاء بكل الثمن إذ من المحتمل أن يكون نفي اللزوم بتسلط المغبون على الزام الغابن بأحد الأمرين من الفسخ في الكل ومن تدارك ما فات على المغبون برد القدر الزائد إن كان أصل المال موجودا أو بدله إن كان تالفا ومرجعه إلى أن للمغبون الفسخ إذا لم يبذل الغابن التفاوت (1).
والحاصل أن نفي اللزوم في المعاملة المغبون بها بمقتضى قاعدة الضرر لا يثبت أن له الخيار فقط لا غير بل مقتضاها عدم ايصال الضرر إليه وأنه ممنوع شرعا وأن ما كان موجبا لترتبه عليه من الالتزام بلزوم