إنما هو واقع بين الفعلين حقيقة أي فعل المصالح وفعل المصالح له، لما علم سابقا من أن معنى الصلح لغة وعرفا وفي جميع المورد التي وقعت في الكتاب المجيد، هو الصفح والتجاوز، أي تجاوز أحدهما عن فعله في مقابل تجاوز الآخر عن فعله وإن كان هذا التجاوز والاعراض لا يتحقق خارجا إلا في ضمن المتصالح عنه والمتصالح به وتبادلهما فيه إلا أن متعلق الصلح هو الفعل أولا وبالذات وبالأصالة، وإن صدق عليه التبادل ثانيا وبالعرض وبالتبع.
بخلاف التبادل في باب البيع، فإنه إنما هو فيما بين العوضين بالأصالة.
وبهذا يظهر الفرق بين المقامين، إلا أن هذا خلاف ما عليه ديدن العرف في مصالحاتهم كما في زماننا هذا، فأنا نراهم لا يصالحون في مورد إلا كان غرضهم من المصالحة دفع المصالح عنه وأخذ المصالح به فقط بالنسبة إلى المصالح، ودفع المصالح به وأخذ المصالح عنه بالنسبة إلى المصالح له، فهذا عين البيع فلاحظ.
ومنها: انتقاضه بالهبة المعوضة، والمراد منها هنا ما اشترط فيها العوض كي يكون موردا للنقض نعم يكون ما إذا وهب الواهب هبة مطلقة من دون اشتراط العوض ثم وهب الموهوب له بعد هبته شيئا بداعي العوض خارجا فإن هذه الهبة المطلقة وإن كانت تصير هبة لازمة أيضا بالاجماع مثل ما اشترط فيه العوض، كما تعرض لها في الشرايع، لكنها لا تكون موردا للنقض، لأنها ليست على صورة المقابلة كما هي