عود إلى بدء ما هو حقيقة البيع اعلم أن لفظ البيع ليس له حقيقة شرعية، ولا حقيقة متشرعة، بل إنما هو باق على معناه اللغوي والعرفي كما أشرنا إلى ذلك في السابق وقلنا إن معناه من المفاهيم العرفية والمعاني الواضحة عند الناس، غير منقول عن معناه اللغوي والعرفي.
ومع ذلك قد اختلف الفقهاء كثر الله أمثالهم في تعيين معناه وتنقيح ما يراد من مصدر " بعت " من المعاني المحتملة.
ثم إن مما ذكروا له من المعاني " التمليك " و " التبديل " و " النقل " و " الانتقال " و " الايجاب والقبول " و " المبادلة " وكلها راجع إلى معان ثلاثة: النقل والانتقال والعقد من الايجاب والقبول لا غير.
أما المعنى الثاني والثالث من هذه الثلاثة فليسا معنى للبيع بلا اشكال. لأن الأول منهما أعني الانتقال أثر للبيع ولازمه لا أنه نفسه وهو واضح. والثاني محصل وسبب لتحقق معناه، لأنهما لفظان واللفظ لا يعقل أن ينشأ باللفظ بل المعنى ينشأ به. فلم يبق إلا المعنى الأول وهو " النقل " ولا يخفى ما فيه أيضا من الاشكال، إذ المراد منه إما الفعل الانشائي