الآية الرابعة ومن جملة الأدلة صدر هذه الآية. وهو قوله تعالى: " ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل " (1) وتقرير دلالته للمقام بوجوه.
منها: أنه يدل على حرمة الأكل بالباطل في أموال الناس فيما يسمى باطلا عند العرف وأما الموارد التي يراها العرف من قبيل الأكل بالباطل، ومع ذلك رخص الشارع فيها بالأكل كما في حق المارة، وحق الشفعة مثلا فهي تكون مما خطأ الشارع فيه العرف في فهم البطلان وأن ترخيصه يكشف عن عدم بطلانه واقعا وإنما هي مما تخيله العرف كذلك.
فحينئذ إذا لم يعلم في مورد أن الشارع رخص فيه أو لا كما في المورد المشكوك، يكون الأكل والتصرف فيه ممن لم يعلم ثبوت حقه فيه، أكلا للمال بالباطل، فلازم ذلك كون الفسخ الصادر من أحدهما من غير رضا الآخر باطلا، وهو يكشف عن لزوم العقد.
ولا يخفى ما فيه من الاشكال، إذ الآية حينئذ تصير مجملة لأن ما من مورد من الموارد المشكوكة التي ابتلى به المكلف إلا ويشك في أنه هل كان من جملة ما هو باطل في الواقع وفي نفس الأمر، أو كان من جملة ما تخيله العرف باطلا، فلا يصح حينئذ التمسك بها في بطلان الفسخ الكاشف عن لزوم العقد، وقد أشرنا عليه بمثل هذا الكلام في بعض مسائل الصلاة، في تحقيق معنى التجاوز بالغير، وأن المراد من الغير ماذا؟ فراجع.