هذا بناء على أن المراد من الحلية هو الحكم التكليفي، وأما بناء على أن المراد منها هو الحكم الوضعي كما هو الظاهر بقرينة المقام فيكون " أحل " مشتقا من الحلول، يعني أنه تبارك وتعالى أحل البيع في محله، وأوقعه في موقعه، وأمضاه على حاله، وأبقاه في قبال البيع الربوي أي لم يبقه على حاله، ولم يمضه، بل منعه ورد من ترتيب الآثار عليه فظهر أنه لا دلالة له على المدعى من أصالة اللزوم في البيع بوجه كما عرفت.
الآية الثالثة ومن جملة الأدلة على أصالة اللزوم، قوله تعالى: " إلا أن تكون تجارة عن تراض " (1) وحاصل الاستدلال به، أنه يدل باطلاقه على حلية أكل المال إذا كان سبب حصول ذلك المال تجارة عن تراض. ومعلوم أن المراد منه ليس فعلا خاصا وأكلا مخصوصا، بل المراد منه مطلق التصرفات حتى التصرفات البعدية بعد الفسخ من دون رضا الآخر.
وفيه أنه وإن كان متعرضا لحال التصرف لما مر من أن المراد من جواز الأكل بالتجارة، هو جواز التصرف، وهذا أحسن من هذه الجهة للاستدلال به للمقام من غيره، إلا أنه لا اطلاق له فيه بل هو بصدد مجرد كون الأكل بالتجارة حلالا في قبال الأكل بالباطل، من غير نظر فيه إلى بيان مدة الحلية وأنها دائمة. أو مختصة ببعض الأحوال.