وأما القاعدة المسلمة فالتحقيق في بيانها أن يقال: إنه لو كان لكل ذي حق حق قابل للنقل، وعلم من الشرع أن الغرض من جعله ليس إلا الارفاق في حق كل ذي حق ووجود المصلحة له، وأنه لم يعتبر فيه جهة تعبدية من قبله، صح له اسقاط هذا الحق عند العقلاء.
فعلى هذا لا يكون اعتبار العقلاء مأخوذا في الحق بقول مطلق، بل هو مخصوص بهذا الصنف منه، فلا ينتقض ما ذكرنا حينئذ بالحقوق غير القابلة للنقل، مثل الحقوق المنتزعة عن الذات كحق الأبوة والإخوة مثلا، ولا بالحقوق التي علم فيها اعمال الشارع الجهة التعبدية، كحق الرجوع في الطلاق على تقدير.
والحاصل أن كل مورد علم في جعله ملاحظة ارفاق المكلف و علم أيضا عدم ملاحظة جهة تعبدية فيه فله أن يرفع اليد عنه بالاسقاط وغيره كما في المقام، وإن علم مع ذلك لحاظ جهة تعبدية فيه فليس له ذلك.
نظيره سقوط الركعتين من صلاة المسافر، فإنه وإن علم أنه تخفيف وارفاق للمكلف إلا أنه علم فيه أيضا لحاظ جهة تعبدية فلا يجوز له ضمهما لصلوته المقصورة.
وإن شك في مورد في لحاظها وعدمه، فالأصل عدم جواز رفع اليد عنه كما في حق الرجوع في الطلاق بناء على عدم العلم باعتبار الجهة المذكورة فيه وعدمه.