الحديث معمولا به بالنسبة إلى بعض فقراته وغير معمول به بالنسبة إلى بعضها الآخر، إذ القوم قد اتفقوا في أن الافتراق مسقط للخيار ولو كان في حال سهوا ونسيان أو خطا أو اضطرار أو غفلة أو جنون أو غير ذلك مما يصح نسبة الفعل إلى الشخص وصدوره عنه ولو كان ذلك عنه بتقصير أو قصور، كما أن المعتبر في باب الضمان أيضا كذلك يعني إذا صح نسبة الفعل إلى المتلف مطلقا.
وثالثا إن الأصحاب فرقوا بين من أكره بالافتراق وبالتخاير كليهما وبين من اكراه بالافتراق فقط دون التخاير، فقالوا: إن الخيار يسقط على الثاني دون الأول مع أن الاكراه حاصل على كلا التقديرين كما لا يخفى وأما عن الثالث، ففيه أولا أنا لا نسلم أن المراد من الرضا الذي في قوله عليه السلام: " بعد الرضا منهما " هو الرضا بالافتراق، بل المراد منه هو الرضا بأصل المعاملة.
وثانيا: أن قوله عليه السلام: " فإذا افترقا فلا خيار بعد الرضا منهما " تفريع للغاية التي في قوله: " البيعان بالخيار ما لم يفترقا " فلو كان الرضا فيه مأخوذا في الافتراق ومعتبرا فيه كما هو المدعى يلزم تفريع المقيد على الغاية المطلقة، مع أن المتفرع - بالفتح - لا بد من أن يكون مطابقا للمتفرع عليه اطلاقا وتقييدا كما هو مقتضى القاعدة وإلا فلا يكون تفريعا له بل شيئا أجنبيا كما هو واضح.
على أنه يعارض لقوله عليه السلام: " فمشيت خطا ليجب البيع (1) " فإنه يظهر منه كفاية مطلق الافتراق في اللزوم وإن بقي الطرف الآخر على حاله