فإن كان بلحاظ الأخبار فنقول: لم يثبت من طرقنا ما يدل على المنع عن بيع ما لم يقبض مطلقا، حتى يسري حكم المبيع إلى الثمن، وعلى فرض حجية النبوي (1) المرسل المشتمل على المنع عن بيع ما لم يقبض فهو مقيد بمقتضى الأخبار الكثيرة الصحيحة المسوغة لبيع ما لا يكال ولا يوزن قبل القبض، فلا منع في المبيع فضلا عن الثمن.
وأما الثاني: وهو ما إذا كان من جنس المكيل الموزون فسراية حكم المبيع إليه مع اختصاص مورد المنع في جميع الأخبار بالمبيع مبنية على استفادة الملاك الساري إلى الثمن، وليس هناك شئ يعتمد عليه إلا ما في ذيل خبر الحلبي، حيث قال (عليه السلام):
(إن هذا ليس بمنزلة الطعام، إن الطعام يكال) (2) نظرا إلى أن المفهوم من التعليل أن كل ما يكال لا يجوز بيعه قبل قبضه بكيله، إلا أن مورده حيث إنه السؤال عن بيع البر الذي اشتراه قبل قبضه فلا يقتضي التعليل إلا أن كل ما اشتراه مما يكال لا يباع قبل قبضه، لا أن كل ما يكال لا يجوز بيعه قبل قبضه.
ومما ذكرنا تبين أن الرواية المستدل بها على الجواز في المتن إنما تجدي للجواز في المقام الأول، فإن الثمن فيه من غير جنس المكيل والموزون، بحيث لو فرض أنه كان مبيعا لم يكن له هذا الحكم، فلا دلالة للرواية على الجواز فيما إذا كان من جنس المكيل والموزون.
وأما ما أفاده (قدس سره) في مقام الجواب عنها بأن مورد الرواية جعل الثمن ثمنا في المعاملة الثانية، والكلام في بيعه ثانيا فهو وجيه إذا أمكنه الالتزام بمثله في المبيع، وهو جعل المبيع ثمنا في المعاملة الثانية، ولا أظن أن يلتزم بجوازه، فكأن المراد أن المبيع إذا كان مكيلا أو موزونا لا يجوز ايقاع المعاملة البيعية عليه قبل قبضه، سواء كان بجعله مثمنا في البيع أو ثمنا فيه، والله العالم.