القيادة في الإسلام - محمد الريشهري - الصفحة ٣٨٣
الحقيقة قبل أربعة عشر قرنا، عبر الأحاديث التي اتفق عليها الفريقان، ولهذا السبب سمى المسلمين المعاصرين له أصحابا، والمسلمين الملتزمين في آخر الزمان إخوانا (1)، ونص على أن أجر المسلم الثابت المستقيم يومئذ يعادل أجر خمسين من المسلمين المعاصرين له! وقال في جواب من استوضحه في هذا الصدد: لم تصبروا صبرهم (2).
عندما لا يستطيع ورثة الثورة الإسلامية هذا اليوم - مع ما هم عليه من النضج والوعي الإسلامي - أن يتخذوا القرار اللازم بشأن مستقبل القيادة بدون توجيه القائد الكبير للثورة فماذا ننتظر من ورثة الثورة الإسلامية قبل أربعة عشر قرنا، ومن أناس لم يبتعدوا عن الجاهلية القديمة كثيرا، ولم تتطهر نفوسهم من رواسب الشرك، وقد قسمتهم عصبياتهم الجاهلية إلى مهاجرين وأنصار، وقريشيين وغير قريشيين، ومكيين ومدنيين؟
وكيف ننتظر منهم أن يتخذوا القرار الصائب بشأن مستقبل القيادة بلا توجيه من الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله)؟ وأي قرار؟ إنه القرار الذي يضمن أهداف الثورة. ألا يعني تركهم وشأنهم خطرا على الثورة؟ ألم يشعر النبي (صلى الله عليه وآله) بالخطر على مستقبل المسلمين إذا تركهم بلا منهاج واضح، وهو الذي كان يعرف - منذ قرون - مستوى النضج والوعي الإسلامي لأتباعه في المستقبل، ويسميهم إخوانه، ويرى أن تضحيات أصحابه قليلة إذا قيست بنضجهم؟

(١) قال (صلى الله عليه وآله) " إنكم أصحابي، وإخواني قوم من آخر الزمان، لم يروني... ". بصائر الدرجات: ٨٤ / ٤، بحار الأنوار: ٥٢ / ١٢٤. وقال (آمنوا " متى ألقى إخواني؟ قالوا: ألسنا إخوانك؟ قال: بل أنتم أصحابي، وإخواني الذين آمنوا بي ولم يروني، إنا إليهم بالأشواق ". كنز العمال: ٣٤٥٨٣.
(٢) قال (صلى الله عليه وآله) " سيأتي قوم من بعدكم، الرجل الواحد منهم له أجر خمسين منكم! قالوا: يا رسول الله، نحن كنا معك ببدر واحد وحنين، ونزل فينا القرآن! فقال: إنكم لو تحملون لما حملوا لم تصبروا صبرهم ". الغيبة للطوسي: ٤٥٦ / ٤٦٧، بحار الأنوار: ٥٢ / ١٣٠ / ٢٦. وانظر أيضا المعجم الكبير: ١٧ / 117 / 289، و: 10 / 182 / 10394، وكنز العمال: 30976، 30977.
(٣٨٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 377 379 380 381 382 383 384 385 386 387 388 ... » »»
الفهرست