الحزم في كيفية الدفاع.
وفي هذا التجمع المصيري - الذي حضره الامراء والجنود الشجعان - نادى (صلى الله عليه وآله) بندائه البليغ: أشيروا علي. أي: اعرضوا علي رأيكم في أسلوب مواجهة العدو. فكان هناك رأيان:
1 - رأي عبد الله بن أبي الذي كان من منافقي المدينة. فقد اقترح أسلوب " التحصن "، وكان يقول: لا يخرج المسلمون من المدينة، وعليهم أن يفيدوا من الصياصي والآطام (الحصون). أي ترمي النساء الحجارة على العدو من فوق الصياصي والآطام، ويقاتل الرجال بأسيافهم في السكك (الأزقة). وكان يقول - من أجل إثبات صحة رأيه -: كنا نقاتل في الجاهلية ونشبك المدينة بالبنيان، فتكون كالحصن من كل ناحية، والنساء تساعدنا من فوق الآطام. ومن هنا كانت مدينتنا عذراء ما فضت علينا قط. وما خرجنا إلى عدو قط إلا أصاب منا، وما دخل علينا قط إلا أصبناه.
2 - رأي عدد من الامراء والجنود الأحداث، خاصة الذين شهدوا بدرا وذاقوا حلاوة النصر. قالوا: إن مثل هذا الدفاع يجرئ العدو علينا، ويضيع نصرنا الذي من الله به علينا يوم بدر...
وأيد الأكابر من المهاجرين والأنصار الرأي الأول، بيد أن حمزة بن عبد المطلب وسعد بن عبادة وكثيرا من الصحابة أيدوا الرأي الثاني.
أما رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقد قبل الرأي الثاني أيضا، وفضل الخروج من المدينة على التحصن والقتال في سككها. فجاء إلى بيته - بعد تعيين الخط الدفاعي - ولبس لامة الحرب، ثم خرج بتجهيزات حربية تامة.
ولما نظر إليه عدد من الذين كانوا يدافعون عن الرأي الثاني ترددوا، إذ لعل إصرارهم هو الذي دفع النبي (صلى الله عليه وآله) إلى اختيار الرأي الثاني... فتراجعوا وقالوا: ما كان