المستحقين أيضا. وأكثر المستحقين محرومون، حتى أنهم يحتاجون في أكثر الوقت إلى الطبقات التي لا استحقاق لها. أما غير المستحقين فلا يقنعون بعيشهم ولا يرضون بحالهم لما يلحقهم من حسد أمثالهم، بل يستزيدون ويطلبون حالا فوق حالهم.
وقال بعد شرح هذه المقدمة:
" فمعلوم أن عليا (عليه السلام) كان مستحقا محروما، بل هو أمير المستحقين المحرومين وسيدهم وكبيرهم ".
وواصل كلامه قائلا:
" ومعلوم أن الذين ينالهم الضيم وتلحقهم المذلة والهضيمة يتعصب بعضهم لبعض ويكونون إلبا ويدا واحدة على المرزوقين الذين ظفروا بالدنيا... فما ظنك بما إذا كان منهم رجل عظيم القدر، جليل الخطر، كامل الشرف، جامع للفضائل!... وهو مع ذلك محروم محدود، وقد جرعته الدنيا علاقمها... وحكم فيه وفي بنيه وأهله ورهطه من لم يكن ما ناله من الإمرة والسلطان في حسابه...
ثم كان في آخر الأمر أن قتل هذا الرجل الجليل في محرابه، وقتل بنوه بعده، وسبي حريمه ونساؤه، وتتبع أهله وبنو عمه بالقتل والطرد والتشريد والسجون، مع فضلهم وزهدهم وعبادتهم وسخائهم وانتفاع الخلق بهم ".
ثم استنتج ما نصه:
" فهل يمكن أن لا يتعصب البشر كلهم مع هذا الشخص؟! وهل تستطيع القلوب أن لا تحبه وتهواه وتذوب فيه وتفنى في عشقه؟!... " (1).