بدأ الإمام (عليه السلام) بمكافحة القسم الأول من الانحرافات منذ اليوم الأول لخلافته. ولم يهدأ لحظة واحدة عن مقارعة الجائرين والمتحكمين وكانزي الثروة، الذين انتهكوا حقوق المظلومين باسم صحبة النبي، مستغلين سوابقهم المشرقة. أولئك المتظاهرون بالإسلام الذين كانوا ينتقدون فلسفة الثورة الإسلامية، بل فلسفة نهضة الأنبياء القائمة على القسط والعدل.
ومنذ اليوم الأول من خلافته عرض الإمام سياسته المبدئية عن طريق الإشارة والتعريض، وأعلن للأمة أنه سيستعمل الحكومة وسيلة لإقامة الإسلام الحقيقي وحده، ولا يلتفت إلى انتقادات الذين تضيرهم هذه السياسة.
صعد المنبر في اليوم الثاني من خلافته، وصرح بما أشار إليه في اليوم الأول، وقال:
"... ألا وإن الله عالم من فوق سمائه وعرشه أني كنت كارها للولاية على أمة محمد، حتى اجتمع رأيكم على ذلك، لأني سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: " أيما وال ولي الأمر من بعدي، أقيم على حد الصراط، ونشرت الملائكة صحيفته. فإن كان عادلا أنجاه الله بعدله، وإن كان جائرا انتفض به الصراط حتى تتزايل مفاصله، ثم يهوي إلى النار... " ثم التفت (عليه السلام) يمينا وشمالا، فقال:
" ألا لا يقولن رجال منكم غدا قد غمرتهم الدنيا فاتخذوا العقار، وفجروا الأنهار، وركبوا الخيول الفارهة، واتخذوا الوصائف الروقة، فصار ذلك عليهم عارا وشنارا، إذا ما منعتهم ما كانوا يخوضون فيه، وأصرتهم إلى حقوقهم التي يعلمون، فينقمون ذلك، ويستنكرون ويقولون: حرمنا ابن أبي طالب حقوقنا!
ألا وأيما رجل من المهاجرين والأنصار من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) يرى أن الفضل له على من سواه لصحبته فإن الفضل النير غدا عند الله وثوابه وأجره على