وهكذا لا يمكنك أن تصل من البخاري ومسلم إلى نتيجة مقنعة في أمر هؤلاء الأئمة الاثني عشر.. فقد أقفل الشيخان عليك الأبواب، وقالا لك مقولة قريش: إن نبيك تحدث في حجة الوداع عن رائحة الأئمة الاثني عشر فقط.. فشمها واسكت!
ولكنك لا تعدم الكشف عن عناصر مفيدة من مصادر قرشية أخرى، أقل مراعاة من البخاري ومسلم للسياسة وأهلها، أو أن ظروف أصحابها أحسن من ظروفهما! فقد رووا كلمة (بعدي) بصيغ أكثر دلالة على أنهم يكونون مباشرة بعد النبي صلى الله عليه وآله. روى أحمد في مسنده: 5 / 92: عن نفس الراوي جابر السوائي قال: إنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: يكون (بعدي).. وروى في نفس الصفحة عن نفس الراوي جابر بن سمرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يكون بعدي اثنا عشر خليفة كلهم من قريش. قال ثم رجع إلى منزله فأتته قريش فقالوا: ثم يكون ماذا؟ قال ثم يكون الهرج. انتهى.
ففي الروايتين كلمة (بعدي) التي يفهم منها أنهم يكونون بعده مباشرة.
والرواية الثانية تكشف عن اهتمام قريش بالموضوع، وسؤالهم عن هؤلاء الأئمة الربانيين، وأن القصة في المدينة، لا في حجة الوداع!
وقد تكررت كلمة بعدي، ومن بعدي، في عدد من روايات الحديث.
منها ما رواه أحمد أيضا في: 5 / 94: عن نفس الرواي (يكون بعدي اثنا عشر أميرا، ثم لا أدري ما قال بعد ذلك، فسألت القوم..).
وفي: 5 / 99 و 108: عن السوائي أيضا (يكون من بعدي اثنا عشر أميرا فتكلم فخفي علي فسألت الذي يليني أو إلى جنبي، فقال كلهم من قريش).