بينما روى عن حيض أم المؤمنين عائشة في حجة الوداع روايات عديدة، واضحة مفهومة، تبين كيف احترمها النبي صلى الله عليه وآله وأرسل معها من يساعدها على إحرامها وعمرتها.. إلخ.
أما مسلم فكان أكرم من البخاري قليلا، لأنه اختار رواية يفهم منها أن هؤلاء الاثني عشر هم خلفاء، يحكمون بعد النبي صلى الله عليه وآله!
ويفرح المسلم بحديث مسلم هذا، لأنه يعني أن الله تعالى قد حل مشكلة الحكم في الأمة بعد نبيه صلى الله عليه وآله، فهؤلاء أئمة معينون من الله تعالى على لسان نبيه، ويستمدون شرعيتهم من هذا التعيين، ولا يحتاج الأمر إلى سقيفة واختلافات ثم إلى صراع دموي على الحكم من صدر الإسلام إلى يومنا هذا.. وملايين ملايين الضحايا على مذبح الخلافة.. وانقسامات في الأمة أدت إلى تراكم ضعفها.. حتى انهارت خلافتها وكيانها على يد العثمانيين!
ولكن رواية مسلم تقول: كلا لم تحل المشكلة، لأن النبي أخبر عنهم إخبارا مجملا! ولم يخبر المسلمين عن هويتهم وأسمائهم؟ ولم يسأله أحد من عشرات الألوف الذين أخبرهم بهذا الموضوع الخطير: من هم يا رسول الله؟! ولو أن أحدا سأله عنهم فسماهم أو سمى الأول منهم، لرضيت بذلك كل قبائل قريش وسلمت إليهم الأمر ولم تنازعهم، لأنها قبائل مؤمنة مخلصة، مترفعة عن حطام الدنيا، مطيعة لله تعالى ولرسوله!!
وكأن مسلما يقول: مع أن روايتي فيها إضافة على ما رواه البخاري فأنا لا أزيد على ما قال: كلا، كلا.. إن هؤلاء الأئمة هم أناس ربانيون فقط، يعز الله بهم الإسلام، وهم من قريش.. من قريش.. هذا كل ما في الأمر!!