أخف وطأة وأسهل تحملا من هذه القرارات الاقتصادية الجائرة. لقد حرم آل النبي من الإرث، ومما منحهم رسول الله ومن حصتهم في الخمس، فإذا علمنا أن أموال الصدقة محرمة عليهم، (66) فمن أين يأكل أهل البيت، وكيف يعيشون؟!
قال أبو بكر لفاطمة مجيبا عن هذا السؤال: إني أعول من كان رسول الله يعول، وأنفق على من كان رسول الله ينفق عليه. (67). فالحاكم يقدم لآل بيت محمد المأكل ولا يزيدون عليه، ويجب على آل البيت طوال التاريخ أن يمدوا أيديهم للحاكم من أجل الطعام! ومن حسن الخلف أن يطيع الإنسان من يطعمه! تلك هي سنة أبي بكر وعمر! وهذا هو عدلهم ومودتهم للقربى، وهذا هو برهم ووفاؤهم لمحمد بن عبد الله!
ويبدو أن أبا بكر قد تنبه في لحظة من لحظات استيقاظ الضمير إلى شناعة ما ارتكبه بحق آل محمد، فاعتراه الندم ولكن بعد فوات الأوان. لقد تذكر فاطمة تنادي بأعلى صوتها: يا أبت يا رسول الله، ماذا لقينا بعدك من ابن الخطاب وابن أبي قحافة! (68)، واستعاد ما قالته فاطمة شخصيا له ولعمر بن الخطاب وجها لوجه: أرأيتكما إن حدثتكما حديثا عن رسول الله تعرفانه وتفعلان به؟ قالا: نعم. فقالت: نشدتكما الله، ألم تسمعا رسول الله يقول: رضى فاطمة من رضاي، وسخط فاطمة من سخطي، فمن أحب فاطمة ابنتي فقد أحبني: ومن أرضى فاطمة فقد أرضاني، ومن أسخط فاطمة فقد أسخطني؟ قالا: نعم، سمعناه من رسول الله، فقالت الزهراء: فإني أشهد الله أنكما أسخطتماني وما أرضيتماني، ولئن لقيت النبي