كان العباس يفكر أن الأمور بيدهم، فقد أمر النبي المسلمين وبايعوا عليا في حياته، وأنهم سيفون ببيعتهم ويجددون ها بعد وفاته، لكن لا يصح أن يتكلم أحد عن خلافة النبي إلا بعد مراسم دفنه.. وقد رأى العباس حركة عمر للتشكيك في وفاة النبي صلى الله عليه وآله فردها، وتصور أن عمر قد سكت وذهب وانتهى الأمر! لكنه عندما عرف فيما بعد أنهم تركوا جنازة النبي بأيديهم وذهبوا ليعلنوا بيعتهم لأبي بكر بدون مشورة، صاح منفعلا: فعلوها والله!! فعلوها!!
أما علي وفاطمة والحسنان.. فكانوا يعلمون أن قريشا ماضية في خطتها الجهنمية في الانقلاب على نبيها بعده، على سنة اليهود حذو القذة بالقذة.. وكانوا ينتظرون أن تأتيهم موجة الفتنة القرشية اليهودية بين حين وآخر!
لكنهم لم يكونوا حاضرين لأن يقوموا بأي عمل، أو ينشغلوا بأي شغل سوى تنفيذ وصية النبي صلى الله عليه وآله حرفيا.. فقد أوصاهم النبي بما يجب عليهم بوضوح، وأوصى عليا بكل ما يعمله في مراسم احتضاره وتغسيله والصلاة عليه ودفنه.. ثم أوصاه أن يعتكف في بيته حتى يجمع القرآن كما وجهه ويعرضه عليهم، فإن لم يقبلوه، احتفظ به عن الناس وورثه للحسن ثم للحسين ثم للأئمة من ذريته.
كانت وصايا النبي بتجهيزه والصلاة عليه ودفنه، تحتاج إلى بقية يوم الاثنين الذي توفي فيه ويوم الثلاثاء كاملا إلى أواخر الليل، حيث قام علي بدفن النبي صلى الله عليه وآله ليلا. ولم يكن يستشير أحدا في شئ من أمر النبي لا في تجهيزه والصلاة عليه ولا في مكان دفنه أو وقته، كما تزعم بعض الروايات.. لأن النبي كان حدد لعلي كل ذلك بدقة!