واخترنا ها ورضينا ها.. وهي ضريبة أيام قليلة، تعقبها راحة طويلة.. فعمر الدنيا القصير يسهل الأمر يا بنية!
(3) بعد حجة الوداع، لم يكن أحد يعاني كما عانت فاطمة وعلي والحسنان. كان وداع النبي بالنسبة إليهم وداعا لعالم أعلى فيه كل شئ.. واستعدادا للدخول في عالم الأحزان والآلام، ومقارعة العواصف والأفاعي!!
كانوا يدركون أن كل تأكيدات النبي واحتياطاته سوف لا تؤثر في قريش التي ركبت رأسها وأصرت على مؤامرتها، وهيأت الأجواء في قبائلها وقبائل العرب وحتى في أوساط من الأنصار، بأن بني هاشم تكفيهم النبوة، وليس من العدل أن يجمعوا بين النبوة والخلافة، ويحرموا قبائل قريش!!
لقد شاهدت فاطمة في حجة الوداع أنواعا من الصراع بين الهدى النبوي والضلال القرشي.. ورأت أن النبي خطب خمس خطب، وأوضح للأمة مرارا موقع عترته وأهل بيته من بعده، بأساليبه المبتكرة، وبلاغته النبوية.. وأنه كلما وصل إلى تعيين الولاة بعده وأن الله غرسهم في هذا البيت من بني هاشم.. لغطت قريش وشوش أتباعها المبثوثون في مجلسه، وصاحوا وقاموا وقعدوا وكبروا.. ثم قالوا: قال النبي: قريش، قريش.. والأئمة من قريش من كل قريش.. ولم يحصرهم في بني هاشم!!
لقد أقام النبي الحجة لربه بينة صريحة.. ويوم الغدير لم يبق لأحد عذرا.. لكن الحجة لله ولرسوله كأنها لا تعني قريشا بشئ.. فهذا سهيل بن عمر يمسك بزعامتها في مكة ويقول نحن ومحمد! ويرسل جابر بن النضر العبدري