ولابد من الالتفات إلى أن عبد المطلب رضي الله عنه كان يعيش في مجتمع وثني يتقرب إلى الأصنام بالقرابين، وقد يذبح أحدهم ولده قربانا لصنمه!! فمن المعقول أنه قابل ذلك بنذر أحد أولاده قربانا لله تعالى وتعظيما لبيته الحرام، كما نذر إبراهيم ذبح ولده إسماعيل، ليكون ذلك دعوة عملية لعبدة الأصنام أن يعبدوا رب هذا البيت رب إبراهيم وإسماعيل، ويقدموا لله قرابينهم عنده، لا لأصنامهم.
أما الاشكالات التي نراها في عمله، فهي واردة على شريعتنا لا على شريعة إبراهيم، ثم هي واردة عندنا لعدم معرفتنا بتفاصيل الحادث والمستند الشرعي الذي استند عليه عبد المطلب في نذره وطريقة وفائه به. غير أن ما ثبت لنا عن شخصية عبد المطلب وإيمانه العميق، يكفي للقول بأنه لم يكن يقدم على نذره ثم على التحلل منه بالقرعة، إلا بحجة بينة من ربه تعالى.
وقد روى الدكتور شوقي ضيف في تاريخ الأدب العربي ص 41، طبعة دار المعارف المصرية، أن المنذر بن ماء السماء ملك المناذرة المعاصر لعبد المطلب والذي كان أعظم ملك وثني في العرب، قد أسر ابن الحارث بن شمر ملك الغساسنة النصراني في حربه معه، فذبحه قربانا للعزى!! فلا يبعد أن يكون نذر عبد المطلب أن يذبح واحدا من أولاده لرب البيت سبحانه، تعزيزا لدين إبراهيم وردا على عمل المنذر في عبادة صنم العزى!
وعلى هذا يكون غيض قريش أكثر من تأكيد النبي صلى الله عليه وآله لعمل جده عبد المطلب، خاصة وأن فيه إثباتا لشراكة علي معه في وراثة عبد المطلب، صلوات الله على رسوله وآله، وعلى جده عبد المطلب.