العهد والميثاق أن يصبروا ويعملوا لإنقاذ ما يمكن.. وأعطوه العهد على ذلك عن إيمان ورضا، ووطنوا أنفسهم على العطاء لله من كرامتهم حتى يرضى!
لكن هذا اليقين لا يمنع فاطمة أن تستشرف صور الفتنة وعواصفها المنزجرة كلما اقتربت أيام وصولها.. فقد دخلت على أبيها في مرضه وقد (جرت دموعها على خديها، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وآله: ما يبكيك يا فاطمة؟ قالت: يا رسول الله أخشى على نفسي وولدي الضيعة بعدك، فاغرورقت عينا رسول الله بالبكاء، ثم قال: يا فاطمة أما علمت أنا أهل بيت اختار الله عز وجل لنا الآخرة على الدنيا، وأنه حتم الفناء على جميع خلقه...)!!
فاغرورقت عينا رسول الله بالبكاء.. فهو على يقين مثلها أن عاصفة بطون قريش بالباب، تنتظر أن يغمض عينيه لتعصف بالاسلام وبالترتيبات الربانية النبوية له! ويعرف أنها أول هدف للعاصفة بيت علي وفاطمة والحسن والحسين، وأنها ستهدد هم بإحراق البيت بمن فيه، أو يعترفوا بشرعية إمام القبائل القرشية!!
يعرف مثلها أن عاصفة أبي بكر وعمر ستفتح باب العواصف على آل محمد حتى يضج منها التاريخ.. فيعيشون وشيعتهم مظلومين مضطهدين مقهورين، ما بين مسموم ومقتول ومسجون ومشرد.. حتى يظهر مهديهم الموعود من رب العالمين.
يبكي النبي لبكاء فاطمة.. ويقول بذلك لها.. نعم سيكون ما تخشين يا فاطمة، لكن علينا أن ندفع ضريبة العبودية الكاملة لربنا.. فقد آمنا بها