فشقوا طريقا في صفوف جند معاوية، وتزايلت صفوف معاوية صفا بعد صف، فحرض معاوية أصحابه على أن يبارزوا الأشتر ويقتلوه، فخافه أصحاب معاوية، ولم يتقدم أحد بعد إلى الأشتر، وحاول معاوية أن يغري مروان بن الحكم بذلك، فأبى مروان، وقال لمعاوية: أدع للأشتر عمرو بن العاص فهو وزيرك، قال معاوية:
وأنت نفسي، فقال مروان: لو كنت كذلك ألحقتني به في العطاء، وألحقته بي في الحرمان.
وسمع عمرو بذلك فقال لمعاوية: قد غمك القوم في مصر، فإن كان لا يرضيهم إلا أخذها، فخذها، إن ابن عمك مروان يباعدك منا ويباعدنا منك ويأبى الله إلا أن يقربنا إليك.
عندما علم الإمام باستشهاد عمار، بكاه وصلى عليه، وأمر بدفنه حيث استشهد ثم اتجه الإمام إلى ربيعة وهمدان فقال لهم: أنتم درعي ورمحي، فقال لهم شيوخهم: يا معشر ربيعة لا عذر لرجل في العرب إن وصل أحد بأذى إلى أمير المؤمنين وهو بينكم وفيكم رجل حي، إنه لعاركم آخر الدهر فإن منعتموه، مجد الحياة اكتسبتموه.
تقدم الإمام يقود نحو اثنى عشر ألفا من ربيعة وهمدان، منهم ألفان وثمانمائة من المهاجرين والأنصار، ومن بقي من أهل بدر إلا ثلاثة نفر، وتسعمائة ممن شهدوا بيعة الرسول تحت الشجرة، ونزل فيهم قرآن كريم يبشرهم برضوان الله.
بايعته ربيعة وهمدان على الموت، وحملوا على جند الشام، فنقضوا صفوفهم، ومعاوية يحرض جنده على قتل علي، ورجال علي يحرسونه، وهو يلاقي الفرسان واحدا بعد الآخر فما يبارز أحدا إلا قتله، ويطلب منه رؤساء القبيلتين أن يأخذ حذره، وسيبارزون هم عنه، فيقول:
من أي يومي من الموت أفر * أيوم لا قدر أم يوم قدر وحرض معاوية عمرو بن العاص على مبارزة علي، فقال له عمرو: بارزه أنت