توبته ولا يعتد العقلاء بكسر القلم وإن كان لا بد من أن يندم على جميع إساءته، وكما أن كسر القلم حال قتل الولد لا يعد إساءة فكذا الندم.
قال: والتحقيق (1) أن ترجيح الداعي إلى الندم عن البعض يبعث عليه وإن اشترك الداعي في الندم على القبيح كما في الدواعي إلى الفعل، ولو اشترك الترجيح اشترك وقوع الندم وبه يتأول كلام أمير المؤمنين وأولاده عليهم السلام وإلا لزم الحكم ببقاء الكفر على التائب منه المقيم على صغيرة.
أقول: لما شرع في تقرير كلام أبي هاشم ذكر التحقيق في هذا المقام، وتقريره أن نقول: الحق أنه تجوز التوبة عن قبيح دون قبيح، لأن الأفعال تقع بحسب الدواعي وتنتفي بحسب الصوارف، فإذا ترجح الداعي وقع الفعل.
إذا عرفت هذا فنقول: يجوز أن يرجح فاعل القبائح دواعيه إلى الندم على بعض القبائح دون بعض، وإن كانت القبائح مشتركة في أن الداعي يدعو إلى الندم عليها، وذلك بأن تقترن ببعض القبائح قرائن زائدة كعظم الذنب أو كثرة الزواجر عنه أو الشناع عند العقلاء عند فعله، ولا تقترن هذه القرائن ببعض القبائح فلا يندم عليها، وهذا في دواعي الفعل فإن الأفعال الكثيرة قد تشترك في الدواعي ثم يؤثر صاحب الدواعي بعض تلك الأفعال على بعض بأن يترجح دواعيه إلى ذلك الفعل بما يقترن به من زيادة الدواعي، فلا استبعاد في كون قبح الفعل داعيا إلى الندم، ثم تقترن ببعض القبائح زيادة الدواعي إلى الندم عليه فيترجح لأجلها الداعي إلى الندم على ذلك البعض، ولو اشتركت القبائح في قوة الدواعي اشتركت في وقوع الندم ولم يصح الندم على البعض دون الآخر.
وعلى هذا ينبغي أن يحمل كلام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام وكلام أولاده كالرضا وغيره عليهم السلام حيث نقل عنهم نفي تصحيح التوبة عن بعض القبائح