أقول: نقل عن ضرار أنه أنكر عذاب القبر والاجماع على خلافه، وقد استدل المصنف رحمه الله بإمكانه عقلا فإنه لا استبعاد في أن يعجل الله تعالى العقاب في دار التكليف على وجه لا يمتنع مع التكليف كما في قطع يد السارق كما قال تعالى: (فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا) وقال في قطاع الطريق: (ذلك لهم خزي في الدنيا) وقال تعالى: (ونحن نتربص بكم أن يصيبكم الله بعذاب من عنده) وحكى تعالى في كتابه إهلاك الفرق الذين كفروا به، وإذا كان ممكنا والله تعالى قادر على كل ممكن، وقد أخبر الله تعالى بوقوعه في قوله: (كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتا فأحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم ثم إليه ترجعون) فذكر الرجوع بعد إحيائين، وإنما يكون بإحياء ثالث وقال تعالى: (قالوا ربنا أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين فاعترفنا بذنوبنا) فذكر موتتين إحداهما في الدنيا والأخرى في القبر، وذكر إحيائين أحدهما في الدنيا والآخر في القبر ولم يذكر الثالث لأنه معلوم وقع فيه الكلام وغير الحي لا يتكلم، وقيل: إنما أخبروا عن الإحيائين اللذين عرفوا الله تعالى فيهما ضرورة فأحدهما في القبر والآخر في الآخرة، ولهذا عقب بقوله: (فاعترفنا بذنوبنا) وقال تعالى في حق آل فرعون: (النار يعرضون عليها غدوا وعشيا ويوم تقوم الساعة) وهذا نص في الباب.
قال: وسائر السمعيات من الميزان والصراط والحساب وتطاير الكتب (1) ممكنة دل السمع على ثبوتها فيجب التصديق بها.
أقول: أحوال القيامة من الميزان والصراط والحساب وتطاير الكتب أمور ممكنة، وقد أخبر الله تعالى بوقوعها فيجب التصديق بها، لكن اختلفوا في كيفية الميزان، فقال شيوخ المعتزلة: إنه يوضع ميزان حقيقي له كفتان يوزن به ما يتبين