بأجمعهم ولم يبق مع النبي صلى الله عليه وسلم سوى تسعة نفر علي عليه السلام والعباس وابنه الفضل وأبو سفيان بن الحرث ونوفل بن الحرث وربيعة بن الحرث وعبد الله بن الزبير وعتبة ومعتب ابنا أبي لهب، فخرج أبو جرول فقتله علي عليه السلام فانهزم المشركون وأقبل المسلمون بعد نداء النبي صلى الله عليه وسلم وصافوا العدو فقتل علي عليه السلام أربعين وانهزم الباقون وغنمهم المسلمون، وغير ذلك من الوقائع المأثورة والغزوات المشهورة التي نقلها أرباب السير وكانت الفضيلة في ذلك بأجمعه (1) لعلي عليه السلام وإذا كان أكثر جهادا كان أفضل من غيره وأكثر ثوابا.
قال: ولأنه أعلم (2) لقوة حدسه وملازمته للرسول صلى الله عليه وآله ورجعت الصحابة إليه في أكثر الوقائع بعد غلطهم، وقال النبي صلى الله عليه وآله: أقضاكم علي، واستند الفضلاء في جميع العلوم إليه وأخبر هو عليه السلام بذلك.
أقول: هذا هو الوجه الثاني في بيان أن عليا عليه السلام أفضل من غيره، وهو أنه عليه السلام أعلم من غيره فيكون أفضل، أما المقدمة الأولى فيدل عليها وجوه:
الأول: أنه عليه السلام كان شديد الذكاء في غاية قوة الحدس، ونشأ في حجر رسول الله صلى الله عليه وسلم ملازما له مستفيدا منه والرسول صلى الله عليه وسلم كان أكمل الناس وأفضلهم، ومع حصول القبول التام والمؤثر الكامل يكون الفعل أقوى وأتم وبالخصوص وقد مارس المعارف الإلهية من صغره، وقد قيل: إن العلم في الصغر كالنقش في الحجر وهذا برهان لمي.
الثاني: أن الصحابة كانت تشتبه الأحكام عليهم وربما أفتى بعضهم بالغلط وكانوا يراجعونه في ذلك، ولم ينقل أنه عليه السلام راجع أحدا منهم في شئ البتة، وذلك يدل على أنه أفضل من الجماعة فإنه نقل عن أبي بكر أن بعض اليهود لقيه