الثاني: لو سلمنا نقله لكن اليهود انقطع تواترهم لأن بخت نصر استأصلهم وأفناهم حتى لم يبق منهم من يوثق بنقله. الثالث: أن لفظة التأبيد لا تدل على الدوام قطعا فإنها قد وردت في التوراة لغير الدوام، كما في العبد أنه يستخدم ست سنين ثم يعرض عليه العتق في السابعة فإن أبى العتق ثقبت أذنه واستخدم أبدا، وفي موضع آخر يستخدم خمسين سنة. وأمروا في البقرة التي كلفوا بذبحها أن يكون لهم ذلك سنة أبدا ثم انقطع تعبدهم بها. وفي التوراة قربوا إلي كل يوم خروفين خروف غدوة وخروف عشية بين المغارب قربانا دائما لاحقا بكم وانقطع تعبدهم به، وإذا كان التأبيد في هذه الصور لا يدل على الدوام انتفت دلالته هنا قطعا، أقصى ما في الباب أنه يدل ظاهرا لكن ظواهر الألفاظ قد تترك لوجود الأدلة المعارضة لها.
قال: والسمع دل على عموم نبوته صلى الله عليه وآله.
أقول: ذهب قوم من النصارى إلى أن محمدا صلى الله عليه وآله مبعوث إلى العرب خاصة، والسمع يكذب قولهم هذا قال الله تعالى: (لأنذركم ومن بلغ) وقال تعالى: (وما أرسلناك إلا كافة للناس) وسورة الجن (1) تدل على بعثه عليه السلام إليهم، وقال عليه السلام:
(بعثت إلى الأسود والأحمر). لا يقال: كيف يصح إرساله إلى من لا يفهم خطابه وقد قال تعالى: (وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه)؟ لأنا نقول: لا استبعاد