لطف وتصرفه آخر وعدمه منا (1).
أقول: هذه اعتراضات على دليل أصحابنا مع الإشارة إلى الجواب عنها:
الأول: قال المخالف: كون الإمامة قد اشتملت على وجه اللطف لا يكفي في وجوبها على الله تعالى بخلاف المعرفة التي كفى وجه الوجوب فيه علينا لانتفاء المفاسد في ظننا، أما في حقه تعالى فلا يكفي وجه الوجوب ما لم يعلم انتفاء المفاسد ولا يكفي الظن بانتفائها، فلم لا يجوز اشتمال الإمامة على مفسدة لا نعلمها فلا تكون واجبة على الله تعالى؟ (والجواب) أن المفاسد معلومة الانتفاء عن الإمامة، لأن المفاسد محصورة معلومة يجب علينا اجتنابها أجمع، وإنما يجب علينا اجتنابها إذا علمناها لأن التكليف بغير المعلوم محال، وتلك الوجوه منتفية عن الإمامة فيبقى وجه اللطف خاليا عن المفسدة فيجب عليه تعالى، ولأن المفسدة لو كانت لازمة للإمامة لم تنفك عنها، والتالي باطل قطعا، ولقوله تعالى:
(إني جاعلك للناس إماما) وإن كانت مفارقة جاز انفكاكها عنها فيجب على تقدير الانفكاك.
الثاني: قالوا: الإمامة أنما تجب لو انحصر اللطف فيها، فلم لا يجوز أن يكون هناك لطف آخر يقوم مقام الإمامة فلا تتعين الإمامة للطفية فلا يجب على التعيين؟
(والجواب) أن انحصار اللطف الذي ذكرناه في الإمامة معلوم للعقلاء ولهذا يلتجئ العقلاء في كل زمان وكل صقع إلى نصب الرؤساء دفعا للمفاسد الناشئة من الاختلاف.
الثالث: قالوا: الإمام إنما يكون لطفا إذا كان متصرفا بالأمر والنهي، وأنتم لا