ومفسدة لقوم في زمان آخر فينهى عنه.
قال: وقد وقع حيث حرم على نوح بعض ما أحل لمن تقدمه وأوجب الختان بعد تأخيره وحرم الجمع بين الأختين وغير ذلك من الأحكام (1).
أقول: هذا تأكيد لأبطال قول اليهود المانعين من النسخ فإنه بين أولا جواز وقوعه، وهاهنا بين وقوعه في شرعهم وذلك في مواضع منها: أنه جاء في التوراة أن الله تعالى قال لآدم وحواء عليهما السلام: قد أبحت لكما كل ما دب على وجه الأرض فكانت له نفس حية، وورد فيها أنه قال لنوح عليه السلام: خذ معك من الحيوان الحلال كذا ومن الحيوان الحرام كذا فحرم على نوح عليه السلام بعض ما أباحه لآدم عليه السلام. ومنها:
أنه أباح نوحا عليه السلام تأخير الختان (2) إلى وقت الكبر وحرمه على غيره من الأنبياء، وأباح إبراهيم عليه السلام تأخير ختان ولده إسماعيل عليه السلام إلى حال كبره وحرم على موسى عليه السلام تأخير الختان عن سبعة أيام. ومنها: أنه أباح آدم عليه السلام الجمع بين الأختين وحرمه على موسى عليه السلام.
قال: وخبرهم عن موسى عليه السلام بالتأبيد مختلق (3) ومع تسليمه لا يدل على المراد قطعا.
أقول: إن جماعة اليهود جوزوا وقوع النسخ عقلا ومنعوا من نسخ شريعة موسى عليه السلام وتمسكوا بما روي عن موسى عليه السلام أنه قال: تمسكوا بالسبت أبدا، والتأبيد يدل على الدوام ودوام الشرع بالسبت ينفي القول بنبوة محمد صلى الله عليه وآله، والجواب من وجوه: الأول: أن هذا الحديث مختلق ونسب إلى ابن الراوندي (4).