وانتفاء تأثير المؤثر فيها وتباينها، واختلافهم في إثبات صفة الجنس وما يتبعها في الوجود، ومغايرة التحيز للجوهرية، وإثبات صفة المعدوم بكونه معدوما، وإمكان وصفه بالجسمية، ووقوع الشك في إثبات الصانع بعد اتصافه بالقدرة والعلم والحياة.
أقول: لما أبطل مذاهب القائلين بثبوت المعدوم والحال، أبطل ما فرعوا عليهما، وقد ذكر من فروع إثبات الذوات في العدم أحكاما اختلفوا في بعضها:
الأول: اتفقوا على أن تلك الذوات غير متناهية في العدم، فلكل نوع عدد غير متناه، وأن تلك الأعداد متباينة بأشخاصها (1).
الثاني: أن الفاعل لا تأثير له في جعل الجوهر جوهرا والعرض عرضا، وإنما تأثير الفاعل في جعل تلك الذوات موجودة، لأن تلك الذوات ثابتة في العدم لم تزل، والمؤثر إنما يؤثر على طريقة الأحداث. وقد صار إلى هذا الحكم جماعة من الحكماء قالوا: لأن كل ما بالفاعل ينتفي بانتفاء الفاعل، فلو كان الجوهر جوهرا بالفاعل لانتفى بانتفائه، لكن انتفاء الجوهر عن ذاته يستلزم التناقض.
الحكم الثالث: اتفقوا على انتفاء التباين في الذوات، بل جعلوا الذوات كلها متساوية في كونها ذواتا، وإنما تختلف بصفات عارضة لها.
وهذا المذهب باطل، لأن الصفات إن كانت لازمة كان اختلافها دليلا على اختلاف الملزومات، وإلا جاز أن ينقلب السواد جوهرا وبالعكس، وذلك باطل بالضرورة.
الرابع: اختلفوا في صفات الأجناس (2)، هل هي ثابتة في العدم أم لا؟