أقول: قد يعرض في السكون التضاد كما يعرض في الحركة، فإن السكون في المكان الأعلى يضاد السكون في المكان الأسفل فعلة تضاده ليست تضاد الساكن ولا المسكن ولا الزمان لما تقدم في الحركة، ولا تعلق له بما منه وما إليه فوجب أن تكون علة تضاده هو تضاد ما فيه.
قال: ومن الكون طبيعي وقسري وإرادي.
أقول: الكون يريد به هنا الجنس الشامل للحركة والسكون كما اصطلح عليه المتكلمون، وقسمه إلى أقسام ثلاثة وذلك لأنه عبارة عن حصول الجسم في الحيز، وذلك الحصول قد بينا أنه لا يجوز استناده إلى ذات الجسم فلا بد من قوة يستند إليها، وتلك القوة إما أن تكون مستفادة من الخارج وهي القسرية، أو لا وهي الطبيعية إن لم تقارن الشعور، والإرادية إن قارنته.
قال: فطبيعي الحركة أنما يحصل عند مقارنة أمر غير طبيعي.
أقول: الطبيعية أمر ثابت والحركة غير ثابتة فلا تستند إليها لذاتها بل لا بد من اقتران الطبيعة بأمر غير طبيعي، ويفتقر في الرد إليه إلى الانتقال فيكون ذلك الانتقال طبيعيا أما في الأين فكالحجر المرمى إلى فوق، وأما في الكيف فكالماء المسخن، وأما في الكم فكالذابل بالمرض.
قال: ليرد الجسم إليه فيقف.
أقول: غاية الحركة الطبيعية أنما هي حصول الحالة الملائمة الطبيعية التي فرضنا زوالها حتى اقتضت الطبيعة الحركة ورد الجسم إليها بعد عدمها عنه، لا الهرب عن الحالة غير الطبيعية، قيل لعدم الاختصاص وهو ممنوع، إذ كل طريق غير طبيعي مهروب عنه فيختص بالطبيعي، وعلى كل تقدير فإذا حصلت الحالة الطبيعية وقف الجسم وعدمت الحركة الطبيعية لزوال الشرط وهو عدم الحالة غير الطبيعية.
قال: فلا تكون دورية.
أقول: هذا نتيجة ما تقدم، فإن الحركة الطبيعية تطلب استرداد الحالة الطبيعية