مؤثر العالم مختار وليس يدل على أن الواجب مختار بل جاز أن يكون الواجب تعالى موجبا لذاته معلولا يؤثر (1) في العالم على سبيل الاختيار، وتقرير الجواب أن هذه الواسطة غير معقولة (2) لأنا قد بينا حدوث العالم بجملته وأجزائه، والمعني بالعالم كل موجود سوى الله تعالى، وثبوت واسطة بين ذات الله تعالى وبين ما سواه غير معقول.
قال: ويمكن عروض الوجوب والامكان للأثر باعتبارين.
أقول: هذا جواب عن سؤال آخر، وتقريره أن المؤثر إما أن يستجمع جميع جهات المؤثرية أو لا، فإن كان الأول كان وجود الأثر عنه واجبا وإلا لافتقر ترجيحه إلى مرجح زائد فلا تكون الجهات بأسرها موجودة هذا خلف، أو لزم الترجيح من غير مرجح وهو باطل بالضرورة، وإن لم يكن مستجمعا لجميع الجهات استحال صدور الأثر عنه، وحينئذ لا يمكن تحقق القادر لأنه على تقدير حصول جميع الجهات يمتنع الترك، وعلى تقدير انتفاء بعضها يمتنع الفعل فلا تتحقق المكنة من الطرفين.
وتقرير الجواب أن الأثر تعرض له نسبتا الوجوب والإمكان باعتبارين فلا يتحقق الموجب ولا يلزم الترجيح من غير مرجح، وبيانه أن فرض استجماع المؤثر جميع ما لا بد منه في المؤثرية هو بأن يكون المؤثر المختار مأخوذا مع قدرته التي يستوي طرفا الوجود والعدم بالنسبة إليها ومع داعيه الذي يرجح أحد طرفيه، وحينئذ يجب الفعل بعدهما نظرا إلى وجود الداعي والقدرة ولا تنافي بين