المتصلة من مبدأ المسافة إلى نهايتها، وقد بينا تعلق الحركة بأمور ستة والمقتضي لوحدتها إنما هو ثلاثة منها لا غير: الأول: وحدة الموضوع وهو أمر ضروري في وحدة كل عرض لاستحالة قيام العرض بمحلين، وإليه أشار بقوله: والمحل.
الثاني: وحدة الزمان وهو كذلك أيضا لاستحالة إعادة المعدوم بعينه، وإليه أشار بقوله: المقدار.
الثالث: وحدة المقولة التي فيها الحركة فإن الجسم الواحد قد يتحرك في الزمان الواحد حركتي كيف وأين، وإليه أشار بقوله: والقابل.
ويحتمل أن يكون القابل هو الموضوع والمحل هو المقولة، ووحدة المحرك غير شرط فإن المتحرك بقوة ما مسافة إذا تحرك بأخرى قبل انقطاع فعل الأولى اتحدت الحركة، وإذا اتحدت الأشياء الثلاثة اتحد ما منه وما إليه، لكن كل واحد منهما غير كاف فإن المتحرك من مبدأ واحد قد ينتهي إلى شيئين والمنتهي إلى شئ واحد قد يتحرك من مبدأين.
قال: واختلاف المتقابلين والمنسوب إليه يقتضي الاختلاف (1).
أقول: إذا اختلف أحد الأمور الثلاثة أعني ما منه وما إليه وما فيه، اختلفت الحركة بالنوع فإن الحركة في الكيف تغاير الحركة في الأين وهذا ظاهر، وأيضا الصاعدة ضد الهابطة. وأراد بالمتقابلين ما منه وما إليه وبالمنسوب إليه ما فيه ولا يشترط اختلاف الموضوع فإن الحجر والنار قد يتحركان حركة واحدة بالنوع، ولا الفاعل لأن الطبيعية والقسرية قد تصدر عنهما حركة واحدة به، ولا الزمان لعدم اختلافه، وفي هذه المباحث نظر ذكرناه في كتاب الأسرار.
قال: وتضاد الأولين التضاد.