أقول: من الحركات ما هو متضاد وهي الداخلة تحت جنس أخير كالصاعدة والهابطة، فعلة تضادهما ليس تضاد المتحرك لإمكان صعود الحجر والنار، ولا تضاد المحرك لصدور الصعود عن الطبع والقسر، ولا الزمان لعدم تضاده، ولا ما فيه لاتحاد المسافة فيهما فلم يبق إلا ما منه وما إليه، وإليه أشار بقوله: وتضاد الأولين التضاد أي وتضاد الأولين يقتضي التضاد وعنى بالأولين ما منه وما إليه.
ولا يمكن التضاد بالاستقامة والاستدارة لأنهما غير متضادين.
قال: ولا مدخل للمتقابلين والفاعل في الانقسام.
أقول: الحركة تنقسم بانقسام الزمان، فإن الحركة في نصف الزمان نصف الحركة في جميعه مع التساوي في السرعة والبطء، وبانقسام المتحرك فإنها عرض حال فيه والحال في المنقسم يكون لا شك منقسما، وبانقسام ما فيه أعني المسافة فإن الحركة إلى منتصفها نصف الحركة إلى منتهاها ولا مدخل للمتقابلين أعني ما منه وما إليه في الانقسام ولا للفاعل، وذلك كله ظاهر.
قال: وتعرض لها كيفية تشتد فتكون الحركة سريعة، وتضعف فتكون بطيئة ولا تختلف بهما الماهية.
أقول: تعرض للحركة كيفية واحدة تشتد تارة وتضعف أخرى، فتكون الحركة باعتبار شدتها سريعة وباعتبار ضعفها بطيئة وتلك الكيفية هي السرعة والبطء، ولا تختلف ماهية الحركة بهاتين الكيفيتين لوجهين: الأول: أن هذه الكيفية واحدة وإنما تختلف بالقياس إلى غيرها فما هو سريع بالنسبة إلى شئ قد يكون بطيئا بالنسبة إلى غيره. الثاني: أنا نقسم الجنس الواحد من الحركة إلى الصاعد والهابط مثلا ونقسمه أيضا إلى السريع والبطئ، وهاتان القسمتان ليستا مرتبتين حتى يكون عروض إحداهما للجنس بواسطة الأخرى بل يعرضان أولا لذلك الجنس، وقد تبين أن الجنس الواحد لا يعرض له فصلان من غير ترتيب بل الفصل أحدهما خاصة.