مترتبتان عليه، لأنا نجد من أنفسنا ميلا إلى الشئ أو عنه مترتبا على هذا العلم، وهي تفارق الشهوة فإن المريض يريد شرب الدواء ولا يشتهيه.
قال: وأحدهما لازم مع التقابل.
أقول: الذي فهمناه من هذا الكلام أن أحدهما أي إرادة الشئ تستلزم كراهة ضده فإن الكراهة للضد أحدهما يعني أحد الأمرين إما الإرادة أو الكراهة لازم للإرداة للشئ مع تقابل المتعلقين أعني الشئ والضد. وهذا حكم قد اختلف فيه فذهب الأكثر إليه، وذهب قوم إلى أن إرادة الشئ نفس كراهة الضد وهو غلط من باب أخذ ما بالعرض مكان ما بالذات.
ويحتمل أن يكون معنى قوله: وأحدهما لازم مع التقابل، أي أن أحدهما لازم للعلم قطعا إذ المعلوم إما أن يشتمل فعله على نوع من المصلحة أو على نوع من المفسدة، فأحد الأمرين لازم لكن لا يلزمه أحدهما بعينه للتقابل بينهما بل اللازم واحد لا بعينه.
قال: ويتغاير اعتبارهما بالنسبة إلى الفاعل وغيره.
أقول: الذي يظهر لنا من هذا الكلام أن الإرادة والكراهة يتغاير اعتبارهما بالنسبة إلى الفاعل بالإرادة وغيره، وذلك لأن الإرادة إن كانت لنفس فعل الفاعل من نفسه فهي عبارة عن صفة تقتضي تخصيصه بالايجاد دون غيره مما عداه من الأفعال في وقت خاص دون غيره من سائر الأوقات، وإن كانت لفعل الغير فإنها لا تؤخذ بهذا المعنى.
قال: وقد تتعلقان بذاتيهما بخلاف الشهوة والنفرة.
أقول: الإرادة قد تراد والكراهة قد تكره، وهذا حكم ظاهر لكن الإرادة المتعلقة بالإرادة ليست هي الإرادة المتعلقة بالفعل لأن اختلاف المتعلقات يقتضي اختلاف المتعلقات (1) أما الشهوة والنفرة فلا يصح تعلقهما بذاتيهما فالشهوة لا