القبول نسبة الإمكان ونسبة الفاعل نسبة الوجوب، ويستحيل أن تكون نسبة الشئ الواحد إلى الواحد نسبة إمكان ووجوب، فإذا لم تصلح المادة للفاعلية لم تكن هي المعلول الأول السابق على غيره لأن المعلول الأول يجب أن يكون علة فاعلية لما بعده، وإلى هذا القسم أشار بقوله: ولا لما انتفت صلاحية التأثير عنه، أي لا سبق للمادة التي لا تصلح أن تكون فاعلا وإذا لم تكن سابقة لم تكن هي المعلول الأول لما بينا أن المعلول الأول سابق على غيره من المعلولات.
وأما الثالث فلأن الصورة مفتقرة في فاعليتها وتأثيرها إلى المادة لأنها إنما تؤثر إذا كانت موجودة مشخصة، وإنما تكون كذلك إذا كانت مقارنة للمادة فلو كانت الصورة هي المعلول الأول السابق على غيره لكانت مستغنية في عليتها عن المادة وهو محال، فالحاصل أن الصورة محتاجة في وجودها الشخصي إلى المادة فلا تكون سابقة عليها وعلى غيرها من الممكنات لاستحالة اشتراط السابق باللاحق، وإلى هذا القسم أشار بقوله: ولا سبق لمشروط، أي الصورة باللاحق أي بالمادة في وجوده.
وأما الرابع فلأن النفس أنما تفعل بواسطة البدن، فلو كانت هي المعلول الأول لكانت علة لما بعدها من الأجسام فتكون مستغنية في فعلها عن البدن فلا تكون نفسا بل عقلا وهو محال، فهي إذا مشروطة بأسرها (1) بالأجسام، فلو كانت سابقة عليها لكان السابق مشروطا باللاحق في تأثيره المستند إليه وهو محال، وإلى هذا أشار بقوله: ولا سبق لمشروط أي النفس باللاحق أي الجسم في تأثيره.
وأما الخامس فلأن العرض محتاج في وجوده إلى الجوهر، فلو كان المعلول الأول عرضا لكان علة للجواهر كلها فيكون السابق مشروطا في وجوده باللاحق وهو باطل بالضرورة، وإليه أشار بقوله: ولا سبق لمشروط باللاحق في وجوده، فالحاصل أن الصورة والعرض مشروطان بالمادة والجوهر فلا يكونان سابقين