عليهما، والنفس أنما تؤثر بواسطة الجسم فلا تكون متقدمة عليه تقدم العلة على المعلول وإلا استغنت في تأثيرها عنه.
إذا عرفت هذا الدليل فنقول: بعد تسليم أصوله أنه إنما يلزم لو كان المؤثر موجبا، أما إذا كان مختارا فلا فإن المختار تتعدد آثاره وأفعاله، وسيأتي الدليل على أنه مختار.
قال: وقولهم استدارة الحركة توجب الإرادة المستلزمة للتشبه بالكامل، إذ طلب الحاصل فعلا أو قوة يوجب الانقطاع، وغير الممكن محال لتوقفه على دوام ما أوجبنا انقطاعه، وعلى حصر أقسام الطلب، مع المنازعة في امتناع طلب المحال.
أقول: هذا هو الوجه الثاني من الوجوه التي استدلوا بها على إثبات العقول المجردة مع الجواب عنه.
وتقرير الدليل أن نقول: حركات السماوات إرادية (1) لأنها مستديرة، وكل حركة مستديرة إرادية لأن الحركة إما طبيعية أو قسرية، والمستديرة لا تكون طبيعية لأن المطلوب بالطبع لا يكون متروكا بالطبع، وكل جزء من المسافة في الحركة المستديرة فإن تركه بعينه هو التوجه إليه، وإذا انتفت الطبيعة انتفت القسرية لأن القسر على خلاف الطبع وحيث لا طبع فلا قسر فثبت أنها إرادية وكل حركة إرادية فإنها تستدعي مطلوبا، ولأن العبث لا يدوم وذلك المطلوب يجب أن يستكمل الطالب به وإلا لم يتوجه بالطلب نحوه، فإما أن يكون كما لا في نفسه أو لا، والثاني محال وإلا لجاز انقطاع الحركة لأنه لا بد وأن يظهر لذلك الطالب أن