كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد (تحقيق الآملي) - العلامة الحلي - الصفحة ٢٤٤
غير وصول بخار إليه، وصيرورة الماء هواءا عند إسخانه، وصيرورة الماء أرضا كما يعقد أهل الحيل (1) المياه الجارية أحجارا صلبة، وصيرورة الأرض ماءا كما يتخذون مياها حارة ويحلون فيها أجسادا صلبة حجرية حتى تصير مياها جارية.
قال: فالنار حارة يابسة شفافة متحركة بالتبعية لها طبقة واحدة وقوة على إحالة المركب إليها.
أقول: لما فرغ من الأحكام المشتركة بين العناصر شرع في البحث عن الكيفيات المختصة بكل عنصر عنصر وبدأ بالنار وذكر من أحكامها ستة:
الأول: أنها حارة والحس يدل على حرارة النار الموجودة عندنا، وأما النار البسيطة التي هي الفلك الأثير (2) فإنها كذلك لوجود الطبيعة خالية عن العائق ولبساطتها فإن الحرارة موجودة في النار التي عندنا مع امتزاجها بالضد فكيف

(1) أهل الحيل هم أرباب الأكسير أي طلاب الكيمياء، والأجساد هي الأجسام الذائبة بحسب مصطلحات أصحاب الحيل أي الفلزات. وإنما يعبرون عنها بالأجساد لا الأجسام لأن الجسد هو برزخ بين الطرفين ليس بغلاظة ما دونه، ولا بلطافة ما فوقه، كما يعبر أرباب المعقول عن التمثلات في الخيال المتصل والمنفصل بالأجساد، وبعضهم يعبرون عن الأبدان الأخروية مطلقا بالأجساد، وبعضهم قائلون بأن معراج الخاتم صلى الله عليه وآله كان جسدانيا. وبالجملة لما كانت الفلزات مما تكونت من العناصر وهي مركبات معدنية ذوات أمزجة، ولها أيضا استحالات ألطف مما هي بالفعل عبروا عنها بالأجساد فهي ذائبة بالنسبة إلى بعدها كما هي ذائبة بالنسبة إلى قبلها. والأكسير هو الكيمياء وأهل العصر يقولون: الشيمي، وهي كلمة فرنسية أصلها Chimic ولها فروع لغوية كثيرة وحرف C يتلفظ كثيرا بالكاف وإن كان مع حرف h بعدها يتلفظ بالشين.
وما تذاب بها تلك الأجساد من الزيبق والكبريت والنوشادر وغيرها تسمى في اصطلاح أهل الكيمياء أرواحا، صرح بذلك ابن الفناري في مصباح الأنس (ص 209 ط 1) والشارح العلامة ناظر في أغلب هذه المباحث إلى كلمات الماتن في شرحه على كتاب الإشارات.
فراجع شرحه على الفصل العشرين من النمط الثاني منه في المقام.
(2) الأثير هي النار الخالصة الصرفة، وقد يطلق على الفلك أيضا بل أكثر استعماله في الفلكيات. والشارح قد أطلق الفلك على كرة الأثير، وقد أطلقه عليها غيره أيضا.
(٢٤٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 239 240 241 242 243 244 245 246 247 248 249 ... » »»
الفهرست