المتمكن ويتحد به ولا امتناع لخلوه عن المادة.
أقول: لما فرغ من بيان ماهية المكان شرع في الجواب عن شبهة مقدرة تورد على كون المكان بعدا، وهي أن المكان لو كان هو البعد لزم اجتماع البعدين، والتالي محال فالمقدم مثله، بيان الشرطية أن المتمكن له بعد فإن بقيا معا لزم الاجتماع والاتحاد إذ لا يزيد بعد الحاوي عند حلول المحوي، وإن عدم أحدهما كان المعدوم حالا في الموجود أو بالعكس وهما محالان. وأما بيان استحالة التالي فضروري لما تقدم من امتناع الاتحاد، ولأن المعقول من البعد الشخصي أنما هو البعد الذي بين طرفي الحاوي، فلو تشكك العقل في تعدده لزم السفسطة.
وتقرير الجواب أن البعد ينقسم إلى قسمين: أحدهما: بعد مقارن للمادة وحال فيها وهو البعد المقارن للجسم، والثاني: مفارق للمادة وهو الحاصل بين الأجسام المتباعدة. والأول يمانع مساويه يعني البعد المقارن للمادة أيضا فلا يجامعه لاستحالة التداخل بين بعدين مقارنين، والثاني لا يستحيل عليه مداخلة بعد مادي بل يداخله ويطابقه ويتحد به وهو محل الجسم المداخل بعده له، فلا امتناع في هذه المداخلة والاتحاد لأن هذا البعد خال عن المادة.
قال: ولو كان المكان سطحا لتضادت الأحكام.
أقول: لما بين حقيقة المكان شرع في إبطال مذهب المخالفين القائلين بأن المكان هو السطح الباطن من الجسم الحاوي المماس للسطح الظاهر من المحوي، وتقرير البطلان أن المكان لو كان هو السطح لتضادت الأحكام الثابتة للجسم الواحد، فإن الحجر الواقف في الماء والطير الواقف في الهواء يفارقان سطحا بعد سطح مع كونهما ساكنين، ولو كان المكان هو السطح لكانا متحركين لأن الحركة هي مفارقة الجسم لمكان إلى مكان آخر، ولكانت الشمس المتحركة الملازمة لسطحها ساكنة، فيلزم سكون المتحرك وحركة الساكن وذلك تضاد في الأحكام محال.
قال: ولم يعم المكان.
أقول: هذا وجه ثان دال على بطلان القول بالسطح، وتقريره أن العقلاء