زكريا عند قول الجوهري تؤص، بالضم: الصواب تئص، بالكسر؛ لأنه فعل لازم، وقال أبو سهل النحوي: الذي قرأته على أبي أسامة في الغريب المصنف: أصت تئص، بالكسر، وهو الصواب لأنه فعل لازم. قلت: وقد جمع بينهما الصاغاني، وقلده المصنف - إذا اشتد لحمها وتلاحكت ألواحها. قال شيخنا: لم يذكره غير المصنف، فهو إما أن يستدرك به على الشيخ ابن مالك في الأفعال التي أوردها بالوجهين، أو يتعقب المصنف بكلام ابن مالك وأكثر الصرفيين واللغويين حتى يعرف مستنده. انتهى.
قلت: الصواب أنه يستدرك به على ابن مالك ويتعقب (1)، فإن الضم نقله الجوهري عن أبى عبيد عن أبي عمرو، والكسر نقله الصاغاني عن أبي عمرو أيضا، وصوبه أبو زكريا وأبو سهل، فهما روايتان، وهذا هو المستند، فتأمل.
وقيل: أصت الناقة، إذا غزرت، قيل: ومنه أصبهان للبلد المعروف بالعجم أصله: أصت بهان، قالوا: بهان كقطام: اسم امرأة، مبني أو معرب إعراب ما لا ينصرف، أي سمنت المليحة، سميت المدينة بذلك لحسن هوائها وعذوبة مائها، وكثرة فواكهها، فخففت اللفظة بحذف إحدى الصادين والتاء، وبين سمنت وسميت جناس، وأما ماذكره من صحة هوائها إلى آخره، فقال مسعر ابن مهلهل: أصبهان صحيحة الهواء، نقية (2) الجو خالية من جميع الهوام، لا تبلى الموتى في تربتها، ولا تتغير فيها رائحة اللحم ولو بقيت القدر بعد أن تطبخ شهرا، وربما حفر الإنسان بها حفيرة فيهجم على قبر له ألوف سنين والميت فيها على حاله لم يتغير، وتربتها أصح ترب الأرض، ويبقى التفاح بها غضا سبع سنين، ولا تسوس بها الحنطة كما تسوس بغيرها، قال ياقوت: وهي مدينة مشهورة من أعلام المدن، ويسرفون في وصف عظمها حتى يتجاوزوا حد الاقتصاد إلى غاية الإسراف، وهو اسم للإقليم بأسره. قال الهيثم بن عدي: وهي ستة عشر رستاقا، كل رستاق ثلاثمائة وستون قرية قديمة سوى المحدثة، ونهرها المعروف بزند روذ (3) في غاية الطيب والصحة والعذوبة، وقد وصفته الشعراء، فقال بعضهم:
لست آسى من أصبهان على شي * ء سوى مائها الرحيق الزلال ونسيم الصبا ومنخرق الري * ح وجو صاف على كل حال ولها الزعفران والعسل الما * ذي والصافنات تحت الجلال ولذلك قال الحجاج لبعض من ولاه أصبهان: قد وليتك بلدة حجرها الكحل، وذبابها النحل، وحشيشها الزعفران. قالوا: ومن كيموس هوائها وخاصيته أنه يبخل، فلا ترى بها كريما، وفي بعض الأخبار أن الدجال يخرج من أصبهان.
والصواب أنها كلمة أعجمية، وهو الذي اختاره الجماهير، وصوبه شيخنا، قال: فحينئذ حقها أن تذكر في باب النون وفصل الهمزة لأنها صارت كلمة واحدة علما على موضع معين، حروفها كلها أصلية (4)، ولا ينظر إلى ما كانت مفرداتها، وقد تكسر همزتها، قال السهيلي في الروض: هكذا قيده البكري في كتابه المعجم.
قلت: وتبعه ابن السمعاني، قال ياقوت: والفتح أصح. وأكثر (5)، وقد تبدل باؤها فاء فيقال: أصفهان فيهما، أي في الكسر والفتح.
قلت: وقد تحذف الألف أيضا، فيقولون: صفاهان، كما هو جار الآن على ألسنتهم، قال شيخنا: إن أريد من الأجناد الفرسان، كما مال إليه السهيلي وحرره فهو ظاهر، وباؤه حينئذ خالصة، وإلا ففيه نظر.
قلت: الذي قاله السهيلي في الروض في ذكر حديث سلمان، رضي الله تعالى عنه: كنت من أهل أصبهان ما نصه: وأصبه بالعربية فرس، وقيل: هو العسكر، فمعنى الكلمة: موضع العسكر أو الخضيل أو نحو هذا. انتهى، فليس فيه ما يدل على أنه أراد من الأجناد الفرسان، ولا ميله إليه، فتأمل. ثم قول السهيلي: موضع العسكر أو الخيل يحتاج إلى نظر؛ لأنه ليس في اللفظ ما يدل على الموضع، إلا أن يكون بحذف مضاف، ثم قال شيخنا: