لقد استرجعت الوديعة، وأخذت الرهينة، واختلست الزهراء، فما أقبح الخضراء والغبراء، يا رسول الله! أما حزني فسرمد، وأما ليلي فمسهد، لا يبرح الحزن من قلبي، أو يختار الله لي دارك التي أنت فيها مقيم، كمد مقيح، وهم مهيج، سرعان ما فرق بيننا، وإلى الله أشكو.
وستنبئك ابنتك بتظافر أمتك علي وعلى هضمها حقها، فاستخبرها الحال، فكم من غليل معتلج بصدرها لم تجد إلى بثه سبيلا، وستقول، ويحكم الله وهو خير الحاكمين.
سلام عليك يا رسول الله سلام مودع، لا سئم، ولا قال؛ فإن أنصرف فلا عن ملالة، وإن أقم فلا عن سوء ظن بما وعد الله الصابرين، [و] الصبر أيمن وأجمل، ولولا غلبة المستولين علينا لجعلت المقام عند قبرك لزاما، وللبثت عنده معكوفا، ولا عولت إعوال الثكلى على جليل الرزية، فبعين الله تدفن ابنتك سرا، وتهتضم حقها قهرا؛ وتمنع إرثها جهرا، ولم يطل العهد، ولم يخل منك الذكر، فإلى الله يا رسول الله المشتكى، وفيك أجمل العزاء، وصلوات الله عليك وعليها ورحمة الله وبركاته " (1).
[387] - 63 - وأيضا: ولما بلغ أمير المؤمنين (عليه السلام) وفاة الأشتر جعل يتلهف ويتأسف عليه ويقول:
لله در مالك، لو كان من جبل لكان أعظم أركانه، ولو كان من حجر [ل] - كان صلدا.
أما والله ليهدن موتك عالما، فعلى مثلك فلتبك البواكي. ثم قال: إنا لله وإنا إليه راجعون، والحمد لله رب العالمين، إني أحتسبه عندك، فإن موته من مصائب الدهر، فرحم الله مالكا فقد وفى بعهده، وقضى نحبه، ولقي ربه، مع أنا قد وطنا أنفسنا أن نصبر على كل مصيبة بعد مصابنا برسول الله (صلى الله عليه وآله) فإنها أعظم المصيبة (2).