طلاقه وإقراره) على أن الأقوال الخمس هنا إما شهادة أو يمين، وكل منهما صحيح عندنا من الأخرس بالإشارة، مؤيدا ذلك كله بقضاء الضرورة به إذا كان مما يجب عليه نفي الولد للعلم بكونه من غيره، واحتمال انتفائه بنفيه هنا من دون لعان مناف لأصالة اللحوق وغيرها، فليس حينئذ إلا قيام إشارته مقام نطق غيره.
(و) لكن مع ذلك كله وغيره (ربما توقف شاذ منا) في قذفه ولعانه (نظرا إلى تعذر العلم بالإشارة) وهو ابن إدريس، قال فيما حكى عنه " لا أقدم على أن الأخرس المذكور يصح لعانه، لأن أحدا من أصحابنا غير الشيخ في خلافه ومبسوطه لم يورده في كتابه، ولا وقفت على خبر في ذلك، ولا إجماع عليه، والقائل بهذا غير معلوم، والتمسك بالآية (1) بعيد لأنه لا خلاف أنه غير قاذف ولا رام على الحقيقة، والنطق منه حال اللعان متعذر، والأصل براءة الذمة، واللعان حكم شرعي يحتاج إثباته إلى دليل شرعي وأيضا لو رجع بالشهادات عن اللعان عند من جوزه له وجب عليه الحد، والرسول صلى الله عليه وآله قال: " ادرؤوا الحدود بالشبهات " (2) ومن المعلوم أن في إيمائه وإشارته بالقذف شبهة هل المراد به القذف أو غيره؟ وهو غير معلوم يقينا بلا خلاف - ثم قال -: فإن قلنا: يصح منه اللعان كان قويا معتمدا، لأنه يصح منه الاقرار والايمان وأداء الشهادات وغير ذلك من الأحكام ".
وهو كما ترى متوقف مضطرب، لكن دعواه عدم دلالة إشارته على القذف وعدم إمكان أداء معاني ألفاظ اللعان فيها خلاف الفرض، كما أن دعوى عدم تحقق إشارة للأخرس كذلك منافية للوجدان خصوصا إذا كان منها الكتابة التي يمكن فرض أنه يحسنها، ومن الغريب دعوى عدم الخلاف في عدم كون إشارته قذفا، إذ هو مناف للعرف بل واللغة، على أنه يمكن عروض الخرس له بعد القذف.