ما تقدم من النصوص (1) الدالة على أنه بمنزلة الوصية وأنه من الثلث وأن قضاء الدين خير له من وجوه، فيطرحان أو يحملان على التدبير الواجب بنذر وشبهه، فإذا وقع كذلك مع سلامة من الدين فلا سبيل للديان عليه، ولو نذره فرارا من الدين لم ينعقد نذره، لأنه لم يقصد به الطاعة، بل ظاهرهما اعتبار قصد الفرار في الشق الأول، ولم يقل به أحد، بل هما ظاهران بالنظر إلى سياقهما في التفصيل بين قصد الفرار وعدمه المعبر عنه بالصحة والسلامة، لا تقدم الدين وتأخره، وحينئذ يكونان أعم من المدعى، ويخرجان عن الدلالة على التفصيل المزبور، بل ربما احتمل أن المراد منهما التفصيل بين حالتي الصحة والمرض، بل قيل: إنه المتبادر من اللفظتين عند الاطلاق وإن كان هو كما ترى، إلا أن المراد بيان إجمال الروايتين على وجه لا وثوق بالمراد منهما بحيث يصلح لمعارضة ما عرفت.
هذا ولكن في صحيح الحلبي (2) " قلت لأبي عبد الله عليه السلام: رجل قال: إن مت فعبدي حر وعلى الرجل دين، فقال: إن توفي وعليه دين قد أحاد بثمن الغلام بيع العبد، وإن لم يكن أحاط بثمن العبد استسعى العبد في قضاء دين مولاه، وهو حر إذا أوفى " ولعل وجهه انعتاق جزء منه مع فرض عدم الإحاطة، فيستسعى حينئذ كما أن ترك ذكر الوارث فيه مع أن له حقا أيضا في زيادة قيمته لا يقدح بعد استفادته من خارج.
ومنه ينقدح الاشكال فيما ذكره المصنف وغيره من البيع بقدر الدين خصوصا مع تأيد الصحيح المزبور بإطلاق أدلة البيع على وجه يمكن جعله قاعدة في كل من أعتق بعضه، فتأمل جيدا، والله العالم.
(وكما يصح الرجوع في المدبر) أجمع (يصح الرجوع في بعضه،) لأنه بحكم الوصية التي يجوز فيها ذلك، كما عرفته في كتابها.