لأن فيها طعنا على الشهود لأنهم أثبتوا له بشهادتهم استحقاق المطالبة. فأما إذا ادعى توكيل فلان الغائب في استيفاء حقه من فلان فقال الذي عليه الحق: قد عزلك موكلك فأنكر الوكيل ذلك لم تسمع عليه دعواه، ولا يحلف الوكيل لأنه يدعي على الموكل ولا تدخل النيابة في اليمين فإن قال: أنت تعلم أن موكلك عزلك كان له مطالبة الوكيل باليمين لأنها دعوى عليه دون الموكل ويفارق دعوى العزل لأنها دعوى على الموكل دون الوكيل. فإن أقام الذي عليه الحق بينة أن موكله عزله سمعت، وإن شهد له ابنا الموكل الغائب لم يقبل شهادتهما لأنها شهادة على أبيهما، وشهادة الابن على الأب غير مقبولة عندنا وعند المخالف تقبل.
فأما إذا لم تكن له بينة وأخذ الوكيل المال ثم رجع الموكل وكان المال قد تلف في يد الوكيل فادعى الموكل أنه كان عزله قبل قبض المال وعلم الوكيل ذلك فادعى العزل و علم الوكيل به وشهد بذلك ابناه قبلت شهادتهما لأن بهذه الشهادة يثبت أن ماله باق في ذمة من كان عليه فيكون هذه شهادة لأبيهما وشهادة الابن تقبل لأبيه عندنا ولا تقبل عند المخالف.
إذا ادعى أنه وكيل فلان الغائب في استيفاء حقه من فلان وثبتت وكالته عند الحاكم ثم ادعى الذي عليه الحق أن الموكل أبرأه أو قضاه الحق، وأنكر الوكيل ذلك لم تسمع تلك الدعوى عليه لأن ذلك يؤدي إلى بطلان الوكالة في استيفاء الحقوق بغيبة الموكل فما من خصم يطالبه الوكيل بالمال إلا ويدعي ذلك حتى يسقط المطالبة عن نفسه فإن طالبه باليمين لم يكن له ذلك ولم يلزم الوكيل اليمين لأنه لو أقر بالقضاء أو الإبراء لم يثبت بإقراره فلم يحلف عليها إلا أن يدعي أنه يعلم ذلك فينكر فيحلف عليه ويكون اليمين على نفي العلم.
إذا كان للغايب وكيل فادعى رجل على الموكل مالا في وجه الوكيل عند الحاكم و أقام عليه البينة وحلف معها حكم على موكله بالمال فإذا رجع الموكل فإن صدقه في ذلك أو كذبه فالحكم على ما مضى، وإن ادعى أنه كان عزله قبل الدعوى والمحاكمة لم يؤثر ذلك في الشهادة والحكم لأن عندنا يصح القضاء على الغائب وإن لم يكن له وكيل حاضر.