اسقاط الضمان عنه، وأما التكليف بالعين نفسها وعدمه فهو غير مقصود لهما، فليس تعبير المصنف بالضمان تحرزا عن ذلك، ضرورة عدم تصديق مجرد قوله بالنسبة إلى ذلك، من دون استظهار بيمين أو بينة، أو حبس أو نحو ذلك، وعلى كل حال فهو مقام آخر غير ما نحن فيه، يجري في الغاصب ونحوه، هذا كله فيما إذا كان جوابه في الدعوى الأول ما سمعت.
(أما لو كان جوابه: لا يستحق عندي شيئا أوما أشبهه لم يضمن) وإن قامت البينة على دفع المال إليه قراضا، لكون ذلك أعم من ضمانه، بل لو ادعى التلف بعد ذلك سمع منه بيمينه، لعدم التنافي بينه وبين كلامه الأول كما هو واضح.
المسألة (الثامنة: إذا تلف مال القراض أو بعضه، بعد دورانه في التجارة، احتسب التالف من الربح) الذي هو وقاية لرأس المال في شرع المعاملة وفي عرفها، (وكذا لو تلف قبل ذلك) كما لو أذن له في الشراء في الذمة فاشترى ثم تلف المال ونقد الثمن عنه، فإن القراض يستمر ويمكن جبره حينئذ بالربح المتجدد (و) لكن (في هذا أردد) عند المصنف مما عرفت، ومن أن التلف قبل الشروع في التجارة يخرج التالف عن كونه مال قراض، إلا أن الأقوى عدم الفرق، لأن المقتضي لكونه مال قراض هو العقد، لا دورانه في التجارة، فمتى تصور بقاء العقد وثبوت الربح، جبر ما تلف مطلقا، بل لا يخفى على من أعطى التأمل حقه، عدم صدق الربح الذي وقع الشرط بين المالك والعامل عليه إلا على ما يبقى بعد جبر جميع ما يحدث على المال، من أول تسلمه إلى انتهاء المضاربة، من غير فرق في النقصان بين انخفاض السوق والغرق والحرق وأخذ الظالم والسارق وغير ذلك، مما هو بآفة سماوية وغيرها، فما عساه يقال أو قيل: من اختصاص الحكم بما لا يتعلق فيه الضمان بذمة المتلف، لأنه حينئذ بمنزلة الموجود، فلا حاجة إلى جبره، ولأنه نقصان لا يتعلق بتصرف العامل وتجارته، بخلاف النقصان الحاصل بانخفاض السوق ونحوه لا ينبغي أن يصغى إليه لما عرفت، نعم لو فرض حصول العوض من التلف كان العوض من جملة المال. والله العالم.