في التعبير حينئذ للتنبيه على تأويل نصوص الخمس عشر بذلك وفيه حينئذ ما عرفت من عدم قابلية بعضها لذلك، وظهور الاجماع على خلافه، وأما الدخول في الأربع عشر فإنه وإن كان قد يفهم من السيوري، وابن فهد وابن أبي جمهور، أنه مذهب ابن الجنيد حيث استدلوا له بخبر ابن سنان (1) الذي هو نص في ذلك، لكن التحقيق خلافه، إذا الأصل في حكاية قول ابن الجنيد الفاضل في المختلف، والظاهر ما نقله إرادة الاكمال الذي هو المفهوم من العدد لغة وعرفا، وخصوصا مع اقترانه بالقول المشهور الذي قد عرفت كون المراد منه ذلك.
وفي المصابيح وكان منشأ التوهم احتجاج الفاضل له برواية الثمالي (2) المتضمنة لجريان الأحكام على الصبيان في ثلاث عشر وأربع عشر ففهم السيوري منها تحديد البلوغ بالأخذ في الأربع عشر، وربما ساعده قول المصنف " وفي رواية من ثلاث عشر إلى أربع عشر مشيرا إلى هذه الرواية " كما هو الظاهر وانضم إليها رواية ابن سنان (3) المصرحة بهذين المعنين واحتج بهما لابن الجنيد بناء على أن الاحتجاج برواية الثمالي واقع في كلامه، كما توهمه عبارة المختلف، وتبعه على ذلك ابن فهد، غير أنه أورد الحديث بلفظ المتن، ظنا منه أنه منقول باللفظ واقتفى أثرهما ابن أبي جمهور.
ولا يخفى ما في ذلك كله من التساهل والتسامح، فإن استناد ابن الجنيد إلى رواية الثمالي غير معلوم، وإن أوردها العلامة في المختلف حجة له، فإن من عادته فيه الاحتجاج للمذاهب بما يناسبها وإن لم يستند إليه القائل، وعلى تقدير الاستناد فالمعنى الذي أشار إليه المحقق غير متعين في الحجة، لجواز أن يكون الوجه فيها الأخذ بأكثر العددين، نظرا إلى احتمال توهم الراوي، ويؤيده العطف " بأو " في بعض النسخ، وعلى التعيين فلا ينافي ذلك إرادة الاكمال، لاحتمال أن يكون المراد انتهاء الاحتمال بانتهاء الأكثر، دون الطعن فيه، وعلى تقدير المنافاة فلا يتعين فيها